فِي ذَلِك من استمالة الْقُلُوب النازحة واستجلاب الذَّخَائِر الخطيرة والأحجار النفيسة والطرف المستحسنة وَالْأَخْبَار الغريبة وَيَأْمُر الْعمَّال بمحايطتهم وَأَن يعرف لكل فضل مِنْهُم فَضله
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من مستحسن المحكى من المبرة بالتجار الغرباء سفرا وَإِقَامَة سيرتان
السِّيرَة الأولى قَالَ ابْن رضوَان أخبر الثقاة أَن بِلَاد الصين من آمن الْبِلَاد وأحسنها حَالا للمسافرين فَإِن الْإِنْسَان يُسَافر بهَا مُنْفَردا وَتَكون مَعَه الْأَمْوَال الطائلة فَلَا يخَاف عَلَيْهَا وترتيب ذَلِك أَن لَهُم فِي كل منزل ببلادهم فندقا عَلَيْهِ حَاكم يسكن فِيهِ فِي جمَاعَة من الفرسان وَالرِّجَال فَإِذا كَانَ بعد الْمغرب أَو الْعشَاء الْآخِرَة جَاءَ الْحَاكِم إِلَى الفندق وَمَعَهُ كَاتب فَيكْتب أَسمَاء جَمِيع من يبيت بِهِ من الْمُسَافِرين وَيخْتم عَلَيْهِ ويغلق بَاب الفندق عَلَيْهِم فَإِذا كَانَ بعد الصُّبْح جَاءَ وَمَعَهُ كَاتبه فَدَعَا كل إِنْسَان باسمه وَكتب بذلك تَفْسِير وَبعث مَعَهم من يوصلهم إِلَى الْمنزل التَّالِي لَهُ ويأتيه بَرَاءَة من حاكمه أَن الْجَمِيع قد وصلوا إِلَيْهِ وَإِن لم يفعل طُولِبَ بهم وَهَكَذَا الْعَمَل فِي كل منزل من بِلَاد الصين وَفِي هَذِه الفنادق جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ المسافرون من الأزواد وخصوصا الدَّجَاج والإوز وَأما الْغنم فَهِيَ قَليلَة عِنْدهم
السِّيرَة الثَّانِيَة قَالَ وَمن عَادَتهم منع التُّجَّار عَن الْفساد وَإِذا قدم التَّاجِر الْمُسلم على بلد من بِلَاد الصين خير فِي النُّزُول عِنْد تَاجر من الْمُسلمين المستوطنين مَعَهم أَو فِي الفندق فَإِن أحب النُّزُول عِنْد التَّاجِر