الْمقَام الأول مَا نقل مِنْهُ عَن الْمُلُوك وَالْكَافِي مِنْهُ خبران
الْخَبَر الأول قَالَ ابْن خلكان فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان أبي سعيد الْمَدْعُو بِالْملكِ الْمُعظم مظفر الدّين صَاحب أربل كَانَ لَهُ فِي فعل الْخيرَات غرائب وَلم يكن فِي الدُّنْيَا شَيْء أحب إِلَيْهِ من الصَّدَقَة كَانَ لَهُ فِي كل يَوْم قناطير مقطرة من الْخبز يفرقها على المحاويج فِي عدَّة مَوَاضِع من الْبَلَد يجْتَمع فِي كل يَوْم فِي الْموضع خلق كثير فَيُفَرق عَلَيْهِم فِي أول النَّهَار وَإِذا نزل من الرّكُوب يكون قد اجْتمع جمع كثير عِنْد الدَّار فيدخلهم إِلَيْهِ وَيدْفَع لكل وَاحِد مِنْهُم كسْوَة على قدر الْفَصْل من الشتَاء والصيف وَغَيرهمَا وَمَعَ الْكسْوَة شَيْء من الذَّهَب من الدِّينَار إِلَى الْإِثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَأَقل وَأكْثر وَكَانَ قد بنى أَرْبَعَة مَوَاضِع للمرضى والعميان وملأها من هذَيْن الصِّنْفَيْنِ وَقدر لَهُم مَا يحْتَاج إِلَيْهِ كل وَاحِد وَكَانَ يَأْتِيهم فِي كل عصر إثنين وخميس وَيدخل إِلَى كل وَاحِد فِي بَيته ويسأله عَن حَاله ويتفقده بِشَيْء من النَّفَقَة وينتقل إِلَى الآخر وَهَكَذَا حَتَّى يَأْتِي على جَمِيعهم وَهُوَ يباسطهم ويمزح وَيجْبر قُلُوبهم
قَالَ وَكَانَ رَحمَه الله قد بنى دَارا للنِّسَاء الأرامل ودارا للصغار الْأَيْتَام ودارا للملاقيط رتب بهَا جمَاعَة من المراضع وكل مَوْلُود ملتقط يحمل إِلَيْهَا فيرضع وَيجْرِي على أهل كل دَار مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي كل يَوْم وَكَانَ يدْخل إِلَيْهَا فيرضع وَيجْرِي على أهل كل دَار مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي كل يَوْم وَكَانَ يدْخل للمارستان وَيقف على كل مَرِيض يسْأَله عَن مَرضه وَكَيْفِيَّة حَاله وَمَا يشتهيه وَكَانَ لَهُ دَار مضيف يدْخل إِلَيْهَا كل قادم على الْبَلَد من فَقير أَو صَغِير أَو غَيرهمَا وعَلى الْجُمْلَة فَمَا كَانَ يمْنَع مِنْهَا كل من قصد الدُّخُول أليها وَلَهُم فِي الدَّار الْغَدَاء وَالْعشَاء وَإِذا عزم الْإِنْسَان على السّفر أَعْطوهُ نَفَقَة على مَا يَلِيق بِمثلِهِ