وَمِنْه قَوْله
(تشابه أَعْيَان الْأُمُور بواديا ... وَتظهر فِي أعقابها حِين تدبر)
قَالَ والوصول إِلَى ذَلِك بعد حُصُوله غريرة الْعقل مَبْنِيّ على أَشْيَاء
قَالَ أَحدهَا الفكرة وَالتَّدْبِير بِشَرْط الفطنة والذكاء الثَّانِي النَّقْد لخواطر ذَوي البصائر واستطلاع رَأْي أولى التجارب على طَرِيق الْمُشَاورَة وَهُوَ الرُّكْن الْأَعْظَم فِي التَّدْبِير فَإِن الاستبداد وَإِن كَانَ من ذِي بَصِيرَة مَذْمُوم
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة يستعان على حُصُوله كَمَا يُرَاد بأمرين
أَحدهمَا كسبي بِكَثْرَة التجربة كَمَا مر وَالْآخر عزيزي وَهُوَ خلقه من الله تَعَالَى يخص بهَا من يَشَاء من خلقه فيخلقه ذكيا فطنا
حِكَايَة فِي ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي قلت لغلام حدث من أَوْلَاد الْعَرَب كَانَ يحدثني فَأَعْجَبَنِي فَصَاحَته وملاحته فَقلت لَهُ أَيَسُرُّك أَن يكون لَك مائَة ألف وَأَن تكون أحمقا قَالَ لَا وَالله قلت وَلم قَالَ أَخَاف أَن يجني الْحمق على جِنَايَة تذْهب على مَالِي وَيبقى على حمقي
قَالَ الطرطوشي فاستخرج هَذَا الصَّبِي بفرط ذكاءه قَضِيَّة مَقْبُولَة فعلا على من هُوَ أكبر سنا مِنْهُ
قيل وَقد قَالَت الْحُكَمَاء الْعقل سرعَة الْفَهم وغايته إِصَابَة الْوَهم وَلَيْسَ للذكاء غَايَة وَلَا لجودة الْمعرفَة نِهَايَة
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة من الفطن فِي الْعقل معرفَة كَمَاله الشَّرْعِيّ وَهُوَ مُتَوَقف على تصَوره فِي نَفسه فعلى أَنه عُلُوم ضَرُورِيَّة بِجَوَاز الجائزات واستحالة المستحيلات وَوُجُوب الْوَاجِبَات فَهِيَ عُلُوم شَرْعِيَّة يظْهر على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute