للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَحدهمَا أَن من المتقرر فِي الْعُقُول السليمة أَن الْعلم صفة كَمَال وَأَن الْجَهْل صفة نُقْصَان وَلذَلِك إِذا قيل للرجل الْعَالم يَا جَاهِل تأذى بذلك القَوْل وَإِن كن يعلم من نَفسه أَنه لَيْسَ كَذَلِك

الثَّانِي أَن من السَّعَادَة بِهِ مَا يكسبه فِي الدُّنْيَا من الْخيرَات الَّتِي لَا توازنها خُصُوصِيَّة كَمَا قَالَ ابْن حزم مُشِيرا لبَعض ذَلِك لَو لم يكن من فَضَائِل الْعلم إِلَّا أَن الْجُهَّال يعابونك ويجلونك وَأَن الْعلمَاء يحبونك ويكرمونك لَكَانَ ذَلِك سَببا لطلبه وَوُجُوب الْإِنْصَاف بِهِ فَكيف وَمَعْلُوم فضائله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة قد سبق فِي مُقَدمَات الْكتاب أَن تعذر وجود هَذَا الْوَصْف فِي السُّلْطَان سقط اعْتِبَار اشْتِرَاطه اكْتِفَاء بمراجعة الْعلمَاء عِنْد وُقُوع النَّوَازِل وَتقدم مَا للغزالي فِي ذَلِك فَإِذا فَاتَهُ ذَلِك بِالْجُمْلَةِ أَو شغله الْملك عَن استقصاء الْكَمَال فِيهِ بِحَسب الوسع فلتكن عنايته مصروفة إِلَى تَعْظِيم حَملته وتكرير مراجعتهم فِي الوقائع الْمَوْقُوفَة حكمهَا على معرفَة مَا لديهم من حكم الله كَمَا سبقت إِلَيْهِ الْإِشَارَة فَهُوَ فرض فِي هَذِه الْحَالة

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْوَصْف لَو لم يكن لَهُ فَضِيلَة إِلَّا كَونه شرطا فِي الألوهية فَمن لَيْسَ بِعلم فَلَيْسَ باله

أطلب الْعلم تعظمك الْخَاصَّة واطلب الْكَمَال تعظمك الْعَامَّة واطلب الزّهْد يعظمك الْجَمِيع

من فَضِيلَة الْعلم أَنَّك لَا يخدمك فِيهِ أحد كَمَا يخدمك فِي سَائِر الْأَشْيَاء وَلَا يَسْتَطِيع أحد أَن يسلبك إِيَّاه كَمَا يسلبك غَيره إِذا أكرمك النَّاس لمَال أَو سُلْطَان فَلَا يُعْجِبك ذَلِك فَإِن زَوَال الْكَرَامَة بزوالهما وَلَكِن يُعْجِبك إِن أكرموك لعلم أَو أدب أَو دين

عَطِيَّة الْعلم موهبة من الله تَعَالَى لِأَنَّهَا لَا تنفذ عِنْد الْجُود بهَا وَلكنهَا تكون بكمالها عِنْد معيدها

<<  <  ج: ص:  >  >>