للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الطرطوشي وَهُوَ نَص لَا يحْتَمل التَّأْوِيل

قلت وَيظْهر ذَلِك مُنْضَمًّا بِاعْتِبَار

الْمقَام الأول بِحَسب مَا يعم السُّلْطَان وَغَيره وَذَلِكَ من وَجْهَيْن

أَحدهمَا أَن الْعَافِي أجره على الله تَعَالَى والمنتصر قد استوفى حَقه قَالَ الله تَعَالَى {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ قَوْله فَأَجره على الله كلمة لَا يوازيها شَيْء لِأَن الَّذِي للْعَبد عهد الله وَمن الله وَبِاللَّهِ خير لَهُ مِمَّا يَأْخُذهُ بِنَفسِهِ ويفعله بِاخْتِيَارِهِ

الثَّانِي أَن المتخلق بِالْعَفو مقتد بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسلك على نهج الإنباع لَهُ وَكفى بِهِ أُسْوَة

قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منتصرا من مظْلمَة ظلمها قطّ غير أَنه إِذا أنتهك شَيْء من محارم الله تَعَالَى فَلَا يقوم لغضبه شَيْء صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الْمقَام الثَّانِي من جِهَة مَا يخص السُّلْطَان من حَيْثُ الْفَائِدَة المحتملة وَذَلِكَ أَيْضا من وَجْهَيْن

أَحدهمَا استخلاص قُلُوب ذَوي الْجِنَايَة لَهُ وإيناس نُفُوسهم من وَحْشَة الْعِصْيَان وَلَا يخفى مَا فِي ذَلِك من السياسة العائدة على الدولة بالنفع الْعَظِيم

قَالَ الْمَأْمُون لَيْسَ على فِي الْحلم مُؤنَة ولوددت أَن أهل الجرائم علمُوا مذهبي فِي الْعَفو فَيذْهب الْخَوْف عَنْهُم فتخلص لي قُلُوبهم

الثَّانِي رفع الهمة بِهِ عَن تعاظم الذُّنُوب وَفِي ذَلِك من تبجيل الْملك وإجلاله مَالا يسع عدم الإنبعاث إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>