وَمن ثمَّ منع الحكم بالنجوم والفأل وَإِن كَانَ يُعجبهُ الْحسن مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَلِكَ الزّجر والرمل والفراسة وَإِن كَانَت الفراسة من صِفَات الْمُؤمن وَفِي التَّنْزِيل {إِن فِي ذَلِك لآيَات للمتوسمين}
قَالَ وينقض الحكم بذلك وَإِن وَافق الْحق لفساد مبناه
قَالَ وَكره الْمَالِكِيَّة أَن يكون القَاضِي داهية كَذَلِك وغن استحسنوا أَن يكون ذكيا فطنا بِحَيْثُ لَا يخدع انْتهى الْمَقْصُود مِنْهُ
تَكْمِلَة فِي تَنْبِيه
إِذا كَانَت الفراسة بالمقدار الَّذِي يتَوَصَّل بلطف الْحِيلَة بِهِ إِلَى اسْتِخْرَاج الْحق بعد ظُهُور الْإِمَارَة الْمُعْتَبرَة فِي استناد الحكم إِلَيْهَا فَهِيَ من مستحسن مَا يعد من ذكاء المتصف بهَا من الْمُلُوك وَسَائِر الْوُلَاة وَيَكْفِي من الْمَنْقُول من ذَلِك حكايتان
الْحِكَايَة الأولى يرْوى عَن الْمَنْصُور أَنه جلس فِي إِحْدَى قباب مدينته فَرَأى رجلا ملهوفا يجول فِي الطرقات فَأرْسل إِلَيْهِ من أَتَاهُ بِهِ فَسَأَلَ عَن حَاله فَأخْبرهُ أَنه خرج فِي تِجَارَة فَأفَاد مَالا وَأَنه رَجَعَ بِالْمَالِ إِلَى منزله فَدفعهُ إِلَى أَهله فَذكرت امْرَأَته أَن المَال سرق من بَيتهَا وَلم ير نقبا بِالدَّار وَلَا أثرا فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور مُنْذُ كم تَزَوَّجتهَا قَالَ مُنْذُ سنة قَالَ أبكرا تَزَوَّجتهَا أم ثَيِّبًا قَالَ ثَيِّبًا قَالَ أفلها ولد من سواك قَالَ لَا قَالَ فشابة هِيَ أم مُسِنَّة قَالَ بل حَدثهُ فَدَعَا الْمَنْصُور بقارورة طيب كَانَ يتَّخذ لَهُ حاد الرَّائِحَة غَرِيب