قلت وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله من مواضيع التَّأْدِيب بِهِ عَن السّنة الْكَرِيمَة حَظّ صَالح إِذا عرفت هَذَا فلكمال التَّلْخِيص لَهُ نظران أَحدهمَا من حَيْثُ هُوَ مَشْرُوع فِي الْجُمْلَة وَالْآخر من جِهَة مَا يخص السُّلْطَان بِحَسب رِعَايَة السياسة فِيهِ
النّظر الأول وَفِيه مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى التَّعْزِير فِي حق الله تَعَالَى وَاجِب عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ بِوَاجِب وَللْإِمَام أَن يقيمه أَو يتْركهُ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُعَزّر الْقَائِل لَهُ فِي قصَّته مَعَ الزبير رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَ ابْن عَمَّتك وَلِأَنَّهُ غير مُقَدّر فَلَا يجب كضرب الْأَب والمعلم وَالزَّوْج قَالَ الْقَرَافِيّ وَالْجَوَاب عَن الأول أَنه حق لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاز لَهُ تَركه بِخِلَاف حق الله تَعَالَى وَعَن الثَّانِي أَن غير الْمُقدر يجب كنفقات الزَّوْجَات والإقارب وَنصِيب الْإِنْسَان من بَيت المَال قَالَ لِأَن تِلْكَ الْكَلِمَات كَانَت تصدر من الْأَعْرَاب لجفائهم لَا لقصد السب
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة قَالَ الْقَرَافِيّ وَاتَّفَقُوا على عدم تَحْدِيد أَقَله وَاخْتلفُوا فِي أَكْثَره فعندنا هُوَ بِحَسب الْجِنَايَة والمجني عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يتَجَاوَز بِهِ أول الْحُدُود وَهُوَ أَرْبَعُونَ حدا لعبد بل ينقص مِنْهُ سَوط وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ قَالَ مَا حَاصله لنا وَجْهَان أَحدهمَا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ زور عَلَيْهِ معن بن زُرَارَة كتابا وَنقش عَلَيْهِ مثل خَاتمه فجلده مائَة فتشفع فِيهِ قوم فَقَالَ ذَكرتني الطعْن وَكنت نَاسِيا فجلده بعد ذَلِك مائَة أُخْرَى ثمَّ جلده بعد ذَلِك مائَة أُخْرَى وَلم يُخَالِفهُ أحد وَكَانَ إِجْمَاعًا