للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت ولوضع اتخاذها صور مُتعَدِّدَة لخلاف فِيهَا الْبَحْث بِاعْتِبَار هَذَا الْمقَام لتقريره مَحل آخر وَالله تَعَالَى اعْلَم

الشارة الثَّامِنَة الدُّعَاء فِي الْخطْبَة

وَقد تقدم لِابْنِ خلدون انه من شارات الْملك الإسلامي وللكلام فِيهِ مجالان

المجال الأول مَا تَقْتَضِيه مَذَاهِب الْملك فِيهِ وَالْوَاقِع مِنْهُ بِحَسب تلون الْحَالة أُمُور

أَحدهَا إحداثه عِنْد حُصُول الابهة وَوُجُود الْمَانِع من ولَايَة صَلَاة السُّلْطَان بِنَفسِهِ فيشيد بِذكرِهِ الْخَطِيب النَّائِب عَنهُ تنويها باسمه ودعى لَهُ بِمَا جعل الله تَعَالَى مصلحَة الْعَالم فِيهَا كَمَا تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ خُصُوصا فِي تِلْكَ السَّاعَة الَّتِي هِيَ مَظَنَّة الْإِجَابَة

الثَّانِي فِي مُشَاركَة الْخَلِيفَة فِيهِ عِنْد الاستبداد عَلَيْهِ فيدعى لَهُ أَولا ثمَّ للمتغلب عَلَيْهِ بعده

قَالَ ابْن خلدون وَذهب ذَلِك بذهاب تِلْكَ الدول وَصَارَ الْأَمر إِلَى اخْتِصَاص السُّلْطَان بِالدُّعَاءِ لَهُ دون من سواهُ

الثَّالِث غَفلَة بداية الدولة أَولا لخشونة بداوتها عَن تعْيين الْمَدْعُو لَهُ اقتناعا بِالدُّعَاءِ الْمُبْهم لمن ولى أَمر الْمُسلمين

قَالَ ابْن خلدون ويسمون مثل هَذِه الْخطْبَة عباسية يعنون بهَا أَن الدُّعَاء على الأجمال إِنَّمَا يتَنَاوَل العباسي تقليدا فِي ذَلِك لمن سلف وَلَا يحلفُونَ بِمَا وَرَاء ذَلِك من تَعْيِينه وَالتَّصْرِيح باسمه فَإِذا انْتَهَت عُيُون سياستهم ونظروا فِي أعطاف ملكهم طالبوا بِالتَّعْيِينِ وَالتَّصْرِيح وَلم يقنعوا بتعميمه الْإِبْهَام

<<  <  ج: ص:  >  >>