الثَّالِثَة بعد اسْتِقْرَار تَسْمِيَة الْخُلَفَاء بِهَذَا اللقب افردوا بِهِ قَدِيما من ملك الْحجاز وَالشَّام وَالْعراق والمواطن الَّتِي هِيَ ديار الْعَرَب ومراكز الدولة ومادة الْملك وَالْفَتْح وَسلم لَهُم ذَلِك إِلَى أَن أدْرك الْهَرم الدولة هُنَاكَ وَاسْتولى عَلَيْهَا الاستبداد وَالْجهل فانقسمت دولة القاصية إِذْ ذَاك فرْقَتَيْن أَحدهمَا من بَقِي على هَذَا التَّسْلِيم تواضعا مَعَهم فِي الْعُدُول إِلَى نعت آخر كَمَا يَحْكِي عَن يُوسُف بن تاشفين ملك لمتونة انه لما ملك العدوتين اجْتمع إِلَيْهِ اشياخ الْقَبَائِل وَقَالُوا أَنْت الْخَلِيفَة على الْمغرب وحقك الْيَوْم أَن تدعى الْأَمِير بل ندعوك يَا امير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهُم حاشى الله أَن تتسمى بِهَذَا الِاسْم إِنَّمَا يتسمى بِهِ ويستحقه خلفاء بني الْعَبَّاس وَأَنا رجلهم والقائم بدعوتهم فِي بِلَاد الْمغرب فَقَالُوا لَهُ لَا بُد لَك من اسْم تمتاز بِهِ عَن امراء الْقَبَائِل فتسمى بأمير الْمُسلمين وَقيل خاطبه بِهِ المستظهر بِاللَّه العباسي فِي التَّقْلِيد الَّذِي رَجَعَ بِهِ إِلَيْهِ الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد بن الْعَرَبِيّ وَابْنه القَاضِي أَبُو بكر من مشيخة اشبيلية بعد أَن اوفدهما على المستظهر ببيعته فاتخذه لقبا يخْتَص بِهِ
قلت ورد عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك القَاضِي أَبُو بكر بكتابين من الشَّيْخَيْنِ الْإِمَامَيْنِ أبي حَامِد الْغَزالِيّ وَأبي بكر الطرطوشي بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالْوَصِيَّة بِالْمُسْلِمين
الثَّانِيَة من شمخ بانفه عَن هَذَا التَّسْلِيم لما ثَبت لَدَيْهِ من ضعف الْخلَافَة بالمشرق وَلما رأى فِي نَفسه من اسْتِحْقَاق الْمُشَاركَة فِي ذَلِك كَمَا اتّفق لعبد الرَّحْمَن النَّاصِر من خلفاء الأموية بالأندلس بعد مُضِيّ مُدَّة من ولَايَته