قلت وَقد تقدّمت الاشارة إِلَى ذَلِك فَانْظُر كَيفَ تقدر دولة على بِنَاء لَا تَسْتَطِيع أُخْرَى على هَدمه مَعَ بون مَا بَين الْهدم وَالْبناء فِي السهولة تعرف من ذَلِك بون مَا بَين الدولتين
قَالَ وَانْظُر إِلَى بِنَاء الْوَلِيد بِدِمَشْق وجامع بني أُميَّة بقرطبة والقنطرة الَّتِي على واديها وَكَذَا بِنَاء الحنايا لجلب المَاء إِلَى قرطجنة فِي الْقَنَاة الراكبة عَلَيْهَا واثار شرشال بالمغرب والاهرام بِمصْر وَكثير من هَذِه الاثار الماثلة للعيان وَمِنْهَا مصانع قوم وَثَمُود وَمَا قصَّة الْقرَان عهنا انْتهى
وَهنا تَنْبِيهَانِ
التَّنْبِيه الأول أَن تِلْكَ الْأَفْعَال للاقدمين إِنَّمَا كَانَت بالهندام وَكَثْرَة الفعلة واجتماع الْأَيْدِي عَلَيْهَا فبذلك شيدت تِلْكَ الهياكل والمصانع وَلَا يَصح مَا تتوهمه الْعَامَّة أَن ذَلِك لعظم اجسام الْأَوَّلين إِذْ لَيْسَ بَين الْبشر فِي ذَلِك بون الهياكل والاثار
قَالَ ابْن خلدون وَلَقَد اولع الْقصاص بذلك وتغالوا فِيهِ وسطروا فِيهِ عَن عَاد وَثَمُود والعمالقة إِخْبَار عريقة فِي الْكَذِب من اغربها زعمهم أَن عوج بن عنَاق من العمالقة كَانَ لطوله يتَنَاوَل السّمك من الْبَحْر ويشويه إِلَى الشَّمْس فزادوا إِلَى جهلهم بأحوال الْبشر الْجَهْل بأحوال الْكَوَاكِب لما اعتقدوا أَن للشمس حرارة تشتد فِيمَا قرب مِنْهَا وَالْحر إِنَّمَا هُوَ الضَّوْء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute