الدول السَّابِقَة بَادرُوا بالإنكار وَلَيْسَ بصواب أَن احوال الْوُجُود والعمران مُتَفَاوِتَة وَكثير مِنْهَا فِي غَايَة الشُّهْرَة والوضوح بل فِيهَا مَا يلْحق بالمستيفض والمتواترة وفيهَا المعاين والمشاهد من اثار الْبناء وَغَيره
قلت ختم هَذَا الْفَصْل بَان النقول عَن الدول من الْأَحْوَال يُؤْخَذ مِنْهُ مراتبها فِي الْقُوَّة والضعف وَاعْتبر ذَلِك بِمَا حَكَاهُ عَن ابْن بطوطة مِمَّا حدث بِهِ عَن ملك الْهِنْد وَذَلِكَ فِي رحلته فَلَا نطول بِهِ لَكِن ذكر بعد ذَلِك كلَاما لَا يسع الِاسْتِغْنَاء عَنهُ وَهُوَ أَن الانسان يرجع فِي قبُول الْأَخْبَار أَو ردهَا إِلَى التَّمْيِيز بَين طبيعة الْمُمكن والممتنع بِصَرِيح عقله ومستقيم فطرته مِمَّا دخل فِي نطاق الْإِمْكَان قبله وَمَا خرج عَنهُ رفضه
قَالَ وَلَيْسَ المُرَاد الْإِمْكَان الْعقلِيّ فان نطاقه اوسع شَيْء فَلَا يفْرض حدا بَين الْوَاقِعَات بل الْإِمْكَان بِحَسب الْمَادَّة الَّتِي للشَّيْء فَإِذا نظر اصله وجنسه وفصله وَمِقْدَار عظمه وقوته اجرى الحكم من نِسْبَة ذَلِك على احواله بالامتناع على مَا خرج عَن نطاقه {وَقل رب زِدْنِي علما}
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة أَن المغلوب مولع بالاقتداء بالغالب فِي شعاره وزيه وَسَائِر احواله وعوائده
وَسَببه اعْتِقَاد النَّفس كَمَال من غلبها بِمَا وقر عِنْدهم من تَعْظِيمه فتنحل جَمِيع مذاهبه وتتشبه بِهِ فِي ملبسه ومركبه وسلاحه وَسَائِر أَحْوَاله وَلذَلِك تَجِد الْأَبْنَاء يتشبهون بآبائهم دَائِما لاعتقادهم الْكَمَال فيهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute