قَالَ وَكَانَ فِي كل فن مِنْهَا كَأَنَّهُ لَا يعرف سواهُ
قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن مَجْمُوع مَا كَانَ يعمله من الْعُلُوم لم يسمع من أحد مِمَّن تقدمه انه كَانَ قد جمعه وَلَقَد جَاءَنَا الشَّيْخ اثير الدّين الْمفضل أَبُو عَليّ الابهري صَاحب التعليقة فِي الْخلاف والتصانيف الْمَشْهُورَة من الْموصل إِلَى اربل فِي سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وَنزل بدار الحَدِيث وَكنت اشْتغل عَلَيْهِ بِشَيْء من الْخلاف فَبَيْنَمَا انا يَوْمًا عِنْده إِذْ دخل عَلَيْهِ بعض فُقَهَاء بَغْدَاد وَكَانَ فَاضلا فتجاريا فِي الحَدِيث زَمَانا وَجرى ذكر الشَّيْخ كَمَال الدّين فَقَالَ لَهُ الاثير لما حج الشَّيْخ كَمَال الدّين وَدخل بَغْدَاد كنت هُنَاكَ فَقَالَ نعم فَقَالَ كَيفَ كَانَ اقبال الدِّيوَان الْعَزِيز عَلَيْهِ فَقَالَ ذَلِك الْفَقِيه مَا انصفوه على قدر اسْتِحْقَاقه فَقَالَ الاثير مَا هَذَا إِلَّا عجب وَالله مَا دخل بَغْدَاد مثل الشَّيْخ فاستعظمت مِنْهُ هَذَا الْكَلَام وَقلت لَهُ يَا سَيِّدي كيفتقول هَذَا فَقَالَ يَا وَلَدي مَا دخل بَغْدَاد مثل أبي حَامِد وَالله مَا بَينه وَبَين الشَّيْخ نِسْبَة
وَكَانَ الاثير على جلالة قدره فِي الْعُلُوم يَأْخُذ الْكتاب وَيجْلس بَين يَدَيْهِ يقْرَأ وَالنَّاس يَوْم ذَلِك مشتغلون فِي تعاليق الاثير وَقد شاهدت هَذَا بعيني وَهُوَ يقْرَأ عَلَيْهِ كتاب المجسطي
قَالَ وَلَقَد حكى لي بعض الْفُقَهَاء انه سَأَلَ الشَّيْخ كَمَال الدّين عَن الاثير ومنزلته فِي الْعُلُوم فَقَالَ لَا أعلم فَقَالَ وَكَيف هَذَا يَا مولَايَ وَهُوَ فِي خدمتك مُنْذُ سِنِين عديدة ويشتغل عَلَيْك فَقَالَ أَنِّي مهما قلت بحثا تَلقاهُ بِالْقبُولِ وَقَالَ نعم يَا مَوْلَانَا فَمَا راجعني فِي بحث قطّ حَتَّى اعْلَم حَقِيقَة فَضله
قَالَ ابْن خلكانن وَلَا شكّ انه كَانَ يعْتَمد هَذَا القَوْل مَعَ الشَّيْخ تأدبا وَكَانَ عِنْده بِالْمَدْرَسَةِ البدرية وَكَانَ يَقُول مَا تركت بلادي وقصدت الْموصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute