للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة

أَن الْعلمَاء من بَين النَّاس ابعد عَن السياسة ومذاهبها وَذَلِكَ لامرين أَحدهمَا انهم يعتادون النّظر الفكري والغوص على الْمعَانِي الدقيقة واتنزاعها من المحسوسات وتجريدها فِي الذِّهْن امورا كُلية يحكم عَلَيْهَا بِأَمْر على الْعُمُوم لَا بِخُصُوص مَادَّة أَو شخص أَو جنس أَو صنف من النَّاس وَبعد ذَلِك يطبقون تِلْكَ الكليات على الخارجيات

الثَّانِي انهم يقيسون الْأُمُور على اشباهها بِمَا اعتادوا من الْقيَاس الفقهي فَلَا يزَال حكم نظرهم فِي الذِّهْن وَلَا يصير إِلَى الْمُطَابقَة إِلَّا بعد الْفَرَاغ من الْبَحْث وَالنَّظَر وَلَا يصير بِالْجُمْلَةِ اليها وانما يتَفَرَّع فِي الْخَارِج عماما فِي الذِّهْن من ذَلِك كل الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهَا فروع كَمَا فِي الْمَحْفُوظ من أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة فيطلب مُطَابقَة مَا فِي الْخَارِج لَهَا عكس مَا فِي الانظار فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة الْمَطْلُوب فِي صِحَّتهَا مطابقتها لما فِي الْخَارِج فَإِذا هم منفردون فِي سَائِر انظارهم بالأمور الذهنية لَا يعْرفُونَ سواهَا والسياسة تحْتَاج إِلَى مُرَاعَاة مَا فِي الْخَارِج أَو مَا يلْحقهَا من الاحوال الْخفية لَا مَكَان اشتمالها على مَا يمْنَع من الحاقها بشبه أَو مِثَال أَو تنافى الْكُلِّي الَّذِي يحاول تطبيقه عَلَيْهَا وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>