للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمِثَال الثَّانِي

كتم عُيُوب الْمَبِيع خفيها وجليها قَالَ فِي الرسَالَة عاطفا على بعض مَا لَا يجوز فِي البيع وَلَا أَن يكتم من أَمر سلْعَته مَا إِذا ذكره كرهه الْمُبْتَاع أَو كَانَ ذكره ابخص لَهُ فِي الثّمن قَالَ بعض شراحها يُرِيد كرهها للْمُبْتَاع وَلَا ينتقص ذَلِك من الثّمن وَلَا يشينها عِنْد بعض النَّاس دون بعض بِدلَالَة قَوْله أَو كَانَ ذكره ابخس لَهُ فِي الثّمن

قلت وَيدل عَلَيْهِ وَجْهَان

أَحدهمَا انه غشر والغش حرَام بِدَلِيل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَشنَا لَيْسَ منا

وَالثَّانِي انه خلاف النصح الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ دين الْإِسْلَام لما ورد أَن جَرِيرًا رَضِي الله عَنهُ كَانَ إِذا قَامَ إِلَى السّلْعَة يَبِيعهَا نَص على عيوبها ثمَّ خير وَقَالَ أَن شِئْت فَخذ وان شِئْت فاترك فَقيل لَهُ انك إِذا فعلت هَذَا لم ينْفد لَك بيع فَقَالَ انا بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النصح لكل مُسلم

اعلام قرر الْغَزالِيّ أَن هَذَا النصح لمشقته لَا يَتَيَسَّر إِلَّا باعتقاد امرين

أَحدهمَا أَن اخفاء الْعُيُوب لَا يزِيد فِي الرزق بل يمحقه وَيذْهب ببركته لما ورد فِي الحَدِيث البائعان إِذا صدقا وَنصحا بورك لَهما فِي بيعهمَا وان كذبا نزعت بركَة بيعهمَا

الثَّانِي أَن ربح الاخرة خير من ربح الدُّنْيَا والعاقل لَا يسْتَبْدل

<<  <  ج: ص:  >  >>