للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُقدمَة السَّادِسَة

من اخلاق الْعَامَّة الْمُوجبَة لندور السَّلامَة مِنْهُم مَا ركب فيهم من الْخلاف الْمُقْتَضِي لذَلِك طبعا بِإِذن الله ومشيئة وَمرَاده وَيدل على امران

أَحدهمَا ورد الْخَبَر بِهِ فَفِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جَالِسا ذَات يَوْم وقدامه قوم يصنعون شَيْئا كرهه من كَلَامهم وَلَفْظهمْ فَقيل يَا رَسُول الله إِلَّا تنهاهم فَقَالَ لَو نهيتم عَن الْحجُون لَا وَشك بَعضهم أَن يَأْتِيهِ وَلَيْسَ لَهُ حَاجَة قَالَ الْخطابِيّ قد اخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا القَوْل أَن الشَّرّ طباع فِي النَّاس وان الْخلاف عَادَة لَهُم وحض بذلك على شدَّة الحذر مِنْهُم وَقلة الثِّقَة بهم

الثَّانِي وجود ذَلِك بالعيان قَالَ بعض الْعلمَاء أَن من النَّاس من يولع بِالْخِلَافِ أبدا حَتَّى يرى انه افضل الْأُمُور وان لَا يُوَافق احدا وَلَا يجمع مَعَه على أَمر وَرَأى وَلَا يواتيه على صُحْبَة وَمن كَانَ هَذِه عَادَته فَإِنَّهُ لَا ينصر الْحق وَلَا يَعْتَقِدهُ دينا ومذهبا إِنَّمَا يتعصب لرأيه وينتقم لنَفسِهِ وَيسْعَى فِي مرضاتها حَتَّى انك أَن رمت تترضاه وتوخيت أَن توافقه على الرَّأْي الَّذِي يَدْعُوك اليه تعمد إِلَى خِلافك فِيهِ وَلَا يرضى حَتَّى ينْتَقل لنقيض قَوْلك وَقَوله الأول

فَإِن عدت فِي ذَلِك إِلَى وفاقه عَاد فِيهِ إِلَى خِلافك قَالَ الْخطابِيّ فَمن كَانَ فِي هَذِه الْحَال فَعَلَيْك بمباعدته والنفار عَن قربه فَإِن رِضَاهُ غَايَة لَا تدْرك ومدى شأوه لَا يلْحق

<<  <  ج: ص:  >  >>