أحلامه بطرد المسلمين منها (١)، أرسل من عنده وفداً إلى قرطبة يحمل رسالة للأمير عبد الرحمن الداخل يدعوه فيها إلى المصاهرة والسلم، فأجابه
(١) - هذه الأحلام كانت-كما تقول الرواية- تأتيه عن طريق رؤى يراها، فقد ورد في قصة "تيرين" التي ترجع إلى القرن السادس الهجري-الثاني عشر الميلادي- أن القديس "جيمس الرسول" الذي يقع مشهده في Comopostele بشمال غربي أسبانيا تراءى لشارلمان أثناء النوم وأخبره بأن جثمانه الذي لا يعرفه المسلمون والمسيحيون يرقد في تلك الأرض النائية، ثم أمر شارلمان بأن ينهض ويستخلص جليقية من أيدي المسلمين. وبعد أن تكررت الرؤيا ثلاث مرات لم يسع شارلمان إلا أن يلبي النداء في الرابعة. انظر: كارلس ديفز، شارلمان ص ٩٨. د. السيد الباز العريني، بعض معالم عهد شارلمان. (القاهرة، المجلة التاريخية المصرية. المجلد الثامن ١٩٥٩ م) ص ١٤٤. ويشير ابدال مؤرخ شارلمان "إلى أن الأهداف التوسعية والأطماع السياسية هي المحرك الأساسي لحملات شارلمان العسكرية، إلا أنه غلفها بالستار الديني سواء كان في غزوه للأندلس أو حروبه في أوربا" انظر: عنان، دولة الإسلام في الأندلس، ع ١ ق ١، ص ١٧٢. ويمكن أن نخرج من قصة رؤيا شارلمان بفائدة، وهي أن الدول التي تقوم على معتقد ديني لا يمكن توحيد الصفوف ضدها إلا بإثارة معتقد ديني مضاد. وهذا ما عمد إليه شارلمان، فلعله أحس تقاعساً من أبناء النصارى عن ملاقاة المسلمين في الأندلس ولذا وجد أن السبيل الأوحد لجمع شملهم ضد المسلمين هو إشعال جذوة الدين في نفوس أولئك النصارى. وهذا ما يجب اليوم على الدول الإسلامية أن تأخذه مأخذ الجد، إذ أن إشعال جذوة الدين في نفوس أبناء المسلمين هو السبيل الأمثل لتخليص الأمة الإسلامية من تسلط الأعداء.