للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حدث أن أصيب الخليفة الحكم المستنصر بالله، بعلة ألمت به يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة (٣٦٤) هـ (ديسمبر سنة (٩٧٤) م) طاولته إلى نهاية شهر ربيع الآخر من العام نفسه (١) واحتجب بسبب ذلك عن الظهور للعامة، فلما كان يوم السبت الحادي عشر من شهر رجب سنة (٣٦٤) هـ (٢٨ مارس (٩٧٥) م) ظهر الخليفة في موكبه متحولاً عن الزهراء إلى قصر الخلافة بقرطبة حسب نصيحة الأطباء له، فجرى بهذه المناسبة احتفال فخم سار فيه الموكب وفق مراسم دقيقة، فقد ركب الخليفة ومعه ولده الأمير هشام ركوباً حافلاً، احتفل لمشاهدته كبار رجالات الدولة، فخرجا من الباب القبلي المسمى بباب الورد، وسبق هشام والده الخليفة في البروز للناس، فلما رآه الوزير الكاتب صاحب المدينة بقرطبة جعفر بن عثمان المصحفي ترجل له، وفعل مثله صاحب الخيل والمدينة بالزهراء زياد بن أفلح، وتبعهما كل من كان معهما من أصحاب الخطط وطبقات أهل الخدمة، مسلمين مبتهلين، وبعد ذلك برز الخليفة، فتقدموا إليه وقبلوا الأرض بين يديه، وسلموا ودعوا، وتتابع على ذلك سائر أهل الموكب من الأحرار والعبيد، وكان يحجب الخليفة ويحف به الفتيان الكبيران الأثيران فائق وجؤذر مع أصحابهما من الفتيان الخلفاء وأكابر الفتيان، فوقف الخليفة قليلاً متأملاً حسن ترتيب عبيده ومواليه، ثم سار بموكبه حتى وصل منية "أرحاء ناصح" فنزل بها


(١) - المقتبس، تحقيق: د. عبد الرحمن الحجي، ص ٢٠٣ - ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>