للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في طست، ووضعه بين يدي الطبني، وقال له المنصور: مرها فلتعد، فسُقط في يده" (١).

ورغم ما عُرف عن الخليفة عبد الرحمن الناصر من شدة وتأكيد دائم على إظهار الهيبة والتمسك بمراسم الدولة، إلا أنه كان في مجالسه الخاص متساهلاً متواضعاً مع جلسائه.

فقد ذكر ابن حيان أن الخليفة عبد الرحمن الناصر، كان في مجلس خاص مع وزرائه، وكان من بين الحضور الوزير محمد بن سعيد المعروف بابن السليم، وفي هذه الجلسة أخذ الخليفة يعرّض بالوزير ابن السليم، مما أدخل الرعب في قلبه، خشية أن يبطش به الخليفة، ولذا فقد أفرط الوزير في الشراب من شدة الذعر، حتى اضطر إلى إفراغ ما في جوفه، فابتدره الوصفاء بالطست والمناديل، ولم يشعر الوزير إلا بالذي أمسك رأسه وهو يقول له: "استفرغ ما في معدتك، وتأن بنفسك" فأنكر الوزير كلامه من بين الخدم، فصرف رأسه إليه، وإذا به الخليفة، فما تمالك أن خر على قدميه يقبلهما، ويقول "يا ابن الخلائف، إلى هنا انتهيت من بري" وجعل يدعو له ويعظم شكره (٢).


(١) - المغرب في حلى المغرب ١/ ٢٠٧، هذه هي شخصية المنصور، طغيان وتجبر، تهون عليها الدماء المحرمة في سبيل أطماعه، فهو لا يرى على وجه الأرض سواه، ثم إن مجلساً لا يحوي إلا قينة وشراباً، إذاً لا تستغرب النتيجة.
(٢) - البيان المغرب، ٢/ ٢٢٥ - ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>