للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك كان الخليفة عبد الرحمن الناصر كثيراً ما يمازح وزرائه، ففي أحد مجالسه الخاصة طلب من أبي القاسم لب، أن يهجو الوزير عبد الملك بن جهور، فقال: أخافه، فقال لابن جهور أهجه: فقال أخاف على عرضي منه، فقال: أهجوه أنا وأنت، ثم قال:

لبٌّ أبو القاسم ذو لحية … طويلة في طولها ميل

فقال ابن جهور:

وعرضها ميلان إن كُسِّرت … والعقلُ مأفون ومدخولُ (١)

لو أنه احتاج إلى غسلها … لم يكفه في غسلها النيلُ (٢)

فقال الناصر للبِّ: اهجه فقد هجاك، فقال بديهاً:

قال أمين الله في عصرنا … لي لحية أزرى بها الطول

وابن جهيرٍ قال قول الذي … مأكوله القرضيل والفولُ

لولا حيائي من إمام الهدى … نخست بالمنخس شو …

ثم سكت، فقال الناصر: هات تمام البيت، فامتنع، فقال له: "قولو" يعني تمام البيت، فقال لب يا مولانا أنت هجوته، ففطن الناصر والحاضرون، وضحكوا، وأمر له بجائزة (٣). وأما الخليفة المستنصر بالله، فقد كان بعيداً كل البعد عن عقد المجالس التي يتم فيها الاستماع للقيان،


(١) - ورد "مخبول" لدى الأزدي، بدائع البدائه، (تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية ١٩٧٠ م) ص ١٩٥.
(٢) - البيان المغرب، ٢/ ٢٢٧.
(٣) - انظر هذا الأبيات وشرحها في: بدائع البدائه، ص ١٩٥ - ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>