للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندما أوصل البريد للخليفة الحكم المستنصر بالله خبر تجاوزات بعض عماله، أرسل إليهم كتاباً عنفهم فيه على جرأتهم وحذرهم من مغبة جورهم (١).

وفي الدولة الأموية لم يكن صاحب البريد يعنى فقط بالأخبار التي تمس سياسة الدولة، بل كان يبلِّغ ماعدا ذلك من النوادر، مثل قصة الخشبة التي رُفع خبرها للأمير محمد بن عبد الرحمن، وكذلك ما حدث في عهد الخليفة الحكم المستنصر بالله، عندما رُفع إليه خبر الصبي المتفاوت الخلق، فقد أحضره فائق صاحب البرد والطراز عنده بالزهراء، ثم أوصله إلى الخليفة الذي استقبله مرتين، كانت الثانية منهما بحضور ولي العهد وذلك في شهر ذي الحجة سنة (٣٦٠) هـ (٢) (أكتوبر (٩٧١) م).

والخبران الأخيران، سواء عن الخشبة أو الصبي، يدلان على دقة عمال البريد في استقصاء الأخبار ورفعها بتفصيلاتها لولي الأمر، ليصدر في شأنها ما يراه مناسباً، ولكن هذا لا يعني قبول كل الأخبار المرفوعة إلى الحاكم الأموي بدون تمحيص، فالأمير محمد بن عبد الرحمن كانت ترفع إليه كتب كثيرة عن بعض رجال دولته، حتى لقد رفع إليه ضد وزيره هاشم بن عبد العزيز مائة كتاب، كل واحد منها يكفي لقتله، إلا أن الأمير لم يأخذ بها، وفي الوقت نفسه لم يعاقب من رفعها إليه، أو حتى


(١) - البيان المغرب، ٢/ ٢٣٩.
(٢) - المقتبس، تحقيق: د. عبد الرحمن الحجي، ص ٦٢ - ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>