للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموية في الأندلس تحصل عليه من الجباية سار بالتدريج من القلة إلى الكثرة. وهذا الأمر لا يقتصر على الدولة الأموية بل ينسحب على جميع الدول، وهو ما تعرض ابن خلدون لمناقشته، حيث أشار إلى أن الدولة في بداية عهدها تكون قليلة الجباية، لتمسكها بأمور الشرع من جهة، ولتخلقها بأخلاق البداوة إن كانت ذات عصبية، وهي بذلك تعمد إلى المسامحة والغفلة عن التحصيل إلا ما ندر، وإذا وصلت الدولة إلى مرحلة الحضارة وجاء الملك العضوض احتاج ولاة الأمر إلى أموال تغطي حياة الترف التي يعيشونها، فيعمدون عندها إلى فرض الضرائب والمكوس، ويكثرون منها، فتكثر الجباية، ثم تتدرج الزيادات فيها بمقدار بعد مقدار، والرعية لا تشعر بثقل تلك المغارم، فيهضموها كأنها عادة مفروضة (١).

وإذا أتينا إلى الدولة الأموية في الأندلس، نجد أن كلام ابن خلدون قد طُبق هناك تماماً، ففي عهد الأمير عبد الرحمن الداخل، بلغت جملة الجباية (٣٠٠٠٠٠) دينار (٢)، وارتفع هذا الرقم إلى الضعف في عهد الأمير الحكم الربضي ١٨٠ - (٢٠٦) هـ (٧٩٦ - (٨٢٢) م) حيث بلغ (٦٠٠٠٠٠) دينار (٣)، وفي عهد ابنه الأمير عبد الرحمن الأوسط ٢٠٦ - (٢٣٨) هـ (٨٢٢ - (٨٥٢) م) كان دخل الدولة من الجباية مليون دينار (٤).


(١) - مقدمة ابن خلدون، ص ٧٢٩ - ٧٣١.
(٢) - نفح الطيب، ١/ ١٤٦.
(٣) - المصدر السابق، ١/ ١٤٦.
(٤) - المغرب في حلى المغرب، ١/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>