للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحالة الاقتصادية لأي دولة ذات ارتباط وثيق بالاستقرار السياسي، فأي اهتزاز في الوضع السياسي، يعني انعكاساً سلبياً على الناحية الاقتصادية.

وهذا ما جرى في الأندلس، فقد تعرضت منذ منتصف القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) إلى هزات سياسية عنيفة، واندلعت الفتن في أرجاء الدولة، الأمر الذي قصر سيطرتها على قرطبة وبعض النواحي، مما أدى إلى حرمان الدولة من مصادر مالية عديدة، وبالتالي فإن مقدار الجباية قل كثيراً عما كان عليه سابقاً.

لكن مع بسط الخليفة عبد الرحمن الناصر نفوذه على أرجاء الدولة ككل، تحسن الوضع الاقتصادي كثيراً، فارتفعت المبالغ المحصلة من الجباية فقط إلى (٥٤٨٠٠٠٠) دينار (١) " خمسة ملايين وأربعمائة وثمانون ألف دينار" ويبدو أن الثراء الاقتصادي الذي كانت تعيشه الأندلس، قد بهر الرحالة ابن حوقل، مما دفعه إلى التصريح بذلك، فقد اعتبر أن الخزانة العامة في الأندلس لا مثيل لها في العالم الإسلامي إلا ما كان عند الغضنفر أبي تغلب بن الحسن بن عبد الله بن حمدان (٢).


(١) - انظر الحلة السيراء، ١/ ٢٣٣، حاشية رقم ١.
(٢) - صورة الأرض، ص ١٠٧. أبو تغلب الغضنفر بن الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي، تولى إمارة الموصل عوضا عن أبيه الذي أصيب بعقله، وذلك سنة ٣٥٦ هـ، كان الغضنفر بطلاً سائساً، خاض معارك عديدة في جهات متفرقة، وبسببها هرب إلى دمشق ونزل بظاهرها، ثم انتقل إلى الرملة بفلسطين في شهر محرم سنة ٣٦٩ هـ وهناك= =أسر وقتل صبراً بين يدي الأمير مفرج الطائي وبعث برأسه إلى العزيز بالله الحاكم العبيدي في مصر. انظر: الكامل في التاريخ، ٧/ ٣٨٤ - ٣٨٥. سير أعلام النبلاء، ١٦/ ٣٠٦ - ٣٠٧.، النجوم الزاهرة، ٤/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>