وظهر في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) لقب جديد، وهو "قاضي القضاة" وصاحب هذا اللقب لا شأن له بقرطبة، إذ أن دائرة اختصاصه محصورة في الثغور، وأول من أُطلق عليه هذا اللقب منذر بن سعيد البلوطي وذلك سنة (٣٣٠) هـ (٩٣٧ م) فقد ولاه الخليفة عبد الرحمن الناصر "القضاء في جميع الثغور، وصُير قاضي القضاة في جميعها، وجعل إليه الإشراف على جميع القضاة والعمال بها، والنظر في المختلفين من بلاد الإفرنج إليها"(١).
وبهذه الصورة أصبحت الدولة الأموية تضم أربعة أصناف من مراتب القضاة، فهناك "مسدد" وهو قاضي القرية الصغيرة، و"القاضي" وهو من تولى القضاء في الكورة، و"قاضي قضاة" الذي يشرف على عمال الثغور وقضاته، وأخيراً "قاضي الجماعة" بالعاصمة قرطبة.
وقد استمر لقب "قاضي الجماعة" طيلة القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين) من عمر الدولة الأموية، إلا أنه في عهد الحاجب عبد الرحمن بن المنصور الشهير بشنجول، حل محله لقب "قاضي القضاة" وأول من حمل هذا اللقب أبو العباس أحمد بن عبد الله بن