للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى بيته فقال لمولاته سَلاَّمة: إن أخي محمداً أمسى مضيقاً اذهبي إليه بهذه الدنانير فإنه يكفينا أن نأخذ منها خمسة، أو أربعة فقالت: الساعة؟ قال: "نعم، إنك تجدينه الساعة في محرابه يسأل الله، يقول أئتني بها من حيث شئت، وكيف شئت، وأنىَّ شئت، قال، فتخرج بستة وأربعين ديناراً أو بخمسة وأربعين ديناراً فأتته بها، فوقفت تسمع فإذا هو يقول: "اللهم [أئتني (١)] بها من حيث شئت، وأنىَّ شئت، وكيف شئت، من ساعتي هذه يا إلهي! قالت: فدققت الباب عليه، فدفعتها إليه، فحمد الله على ذلك".

أخبرنا محمد بن عمر، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، أو غيره من أصحابه، قال: "كان محمد بن المنكدر يحج في كل سنة، ويحج معه عدة من أصحابه، فبينا هو ذات يوم في منزل من منازل مكة، إذ قال لغلام له: اذهب فاشتر لنا كذا" فقال الغلام: "والله ما أصبح عندنا قليل ولا كثير درهم فما فوقه". قال: "اذهب فإن الله يأتي به قال: "من أين؟ " قال: "سبحان الله! ثم رفع صوته بالتلبية ولبى أصحابه الذين معه، وكان إبراهيم بن هشام قد حج تلك السنة فسمع أصواتهم فقال: "ما هؤلاء؟ " فقيل له: "محمد بن منكدر وأصحابه حجوا ومحمد يحتمل مؤونتهم، ويحملهم ويكلف لهم". فقال: "ما بدّ أن يُعان محمد على هذا الذي يصنع، فبعث إليه بأربعة آلاف درهم من ساعته فدفعها محمد إلى غلامه وقال له: ويحك، ألم أقل لك اشتر لنا ما أمرتك فإن الله يأتي بهذا. وقد آتانا الله بما ترى، فاذهب فاشتر ما أمرتك به".

أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني منكدر بن محمد بن المنكدر (٢)، عن أبيه، قال: "أمحلنا (٣) بالمدينة إمحالاً شديداً، وتوالت سنون. قال محمد: "فوالله إني لفي المسجد بعد شطر الليل، وليس في السماء سحاب، وأنا في مقدَّم المسجد


(١) التكملة يقتضيها السياق.
(٢) ستأتي ترجمة المنكدر بن محمد رقم ٣٩١.
(٣) أمحلنا: انقطع عنا المطر، وأجدبت الأرض. (انظر: المعجم الوسيط ٢/ ٨٥٦. مادة: مَحَلَ).

<<  <   >  >>