الخ ...
وللضحى ثَلَاث دَرَجَات أقلهَا رَكْعَتَانِ، وفيهَا أَنَّهَا تُجزئ عَن الصَّدقَات الْوَاجِبَة " على كل سلامى ابْن آدم " وَذَلِكَ أَن إبْقَاء كل مفصل على صِحَّته الْمُنَاسبَة لَهُ نعْمَة عَظِيمَة تستوجب الْحَد بأَدَاء الْحَسَنَات لله وَالصَّلَاة أعظم الْحَسَنَات تتأتي بِجَمِيعِ الْأَعْضَاء الظَّاهِرَة والقوى الْبَاطِنَة.
وَثَانِيها أَربع رَكْعَات، وفيهَا عَن الله تَعَالَى " يَا ابْن آدم اركع لي أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار أكفك أَخّرهُ " أَقُول: مَعْنَاهُ أَنه نِصَاب صَالح من تَهْذِيب النَّفس وَإِن لم يعْمل عملا مثله إِلَى آخر النَّهَار.
وَثَالِثهَا مَا زَاد عَلَيْهَا كثماني رَكْعَات وثنتي عشرَة.
وأكمل أوقاته حِين يترحل النَّهَار وترمض الفصال.
وَمِنْهَا صَلَاة الاستخارة، وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا عنت لَهُم حَاجَة من سفر أَو نِكَاح أَو بيع استقسموا بالأزلام، فَنهى عَنهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ غير مُعْتَمد على أصل، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْض اتِّفَاق، وَلِأَنَّهُ افتراء على الله بقَوْلهمْ: أَمرنِي رَبِّي، ونهاني رَبِّي، فوضهم من ذَلِك الاستخارة؛ فَإِن الْإِنْسَان إِذا استمطر الْعلم من ربه، وَطلب مِنْهُ كشف مرضاة الله فِي ذَلِك الْأَمر، ولج فِي قلبه بِالْوُقُوفِ على بَابه - لم يتراخ من ذَلِك فيضان سر إلهي، وَأَيْضًا فَمن أعظم فوائدها أَن يغنى الْإِنْسَان عَن
مُرَاد نَفسه، ونتقاد بهيميته لملكيته، وَيسلم وَجهه لله، فَإِذا فعل ذَلِك صَار بِمَنْزِلَة الْمَلَائِكَة فِي انتظارهم لإلهام الله، فَإِذا ألهموا سعوا فِي الْأَمر بداعية إلهية لَا دَاعِيَة نفسانية.
وَعِنْدِي أَن إكثار الاستخارة فِي الْأُمُور ترياق مجرب لتَحْصِيل شبه الْمَلَائِكَة.
وَضبط النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آدابها ودعاءها، فشرع رَكْعَتَيْنِ، وَعلم " اللَّهُمَّ إِنِّي استخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم، فَإنَّك تقدر، وَلَا أقدر، وَتعلم وَلَا أعلم، وَأَنت علام الغيوب، اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر خير لي فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي - أَو قَالَ: فِي عَاجل أَمْرِي وآجله - فاقدره لي، ويسره لي، ثمَّ بَارك لي فِيهِ، وَإِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر شَرّ لي فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي - أَو قَالَ: فِي عَاجل أَمْرِي وآجله - فاصرفه عني، واصرفني عَنهُ، واقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ، ثمَّ أرضني بِهِ، قَالَ. ويسمي حَاجته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute