إخمالها والصد عَنْهَا، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا تلقوا الركْبَان لبيع، وَلَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض، وَلَا يسم الرجل على سوم أَخِيه وَلَا تناجشوا، وَلَا يبع حَاضر لباد ".
أَقُول: أما تلقي الركْبَان فَهُوَ أَن يقدم ركب بِتِجَارَة فيتلقاه رجل قبل أَن يدخلُوا الْبَلَد، ويعرفوا السّعر، فيشتري مِنْهُم بأرخص من سعر الْبَلَد، وَهَذَا مَظَنَّة ضَرَر بالبائع، لِأَنَّهُ إِن نزل بِالسوقِ كَانَ أغْلى لَهُ وَلذَلِك كَانَ لَهُ الْخِيَار إِذا عثر على الضَّرَر، وضرر بالعامة لِأَنَّهُ تُوجد فِي تِلْكَ التِّجَارَة حق أهل الْبَلَد جَمِيعًا، والمصلحة المدنية تَقْتَضِي أَن يقدم الأحوج فالأحوج، فَإِن اسْتَووا سوى بَينهم أَو أَقرع، فاستئثار وَاحِد مِنْهُم بالتلقي نوع من الظُّلم، وَلَيْسَ لَهُم الْخِيَار لِأَنَّهُ لم يفْسد عَلَيْهِم مَالهم، وَإِنَّمَا منع مَا كَانُوا يرجونه.
وَأما البيع على البيع فَهُوَ تضييق على أَصْحَابه من التُّجَّار وَسُوء مُعَاملَة مَعَهم، وَقد توجه حق البَائِع الأول وَظهر وَجه لرزقه فافساده عَلَيْهِ ومزاجته فِيهِ نوع من ظلم.
وَكَذَا السّوم على سوم أَخِيه فِي التَّضْيِيق على المشترين والإساءة مَعَهم، وَكثير من المناقشات والأحقاد تنبعث فيهم من أجل هذَيْن.