وَحَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ بِعته، واستثنيت حملانه إِلَى أهلى أَقُول: فِيهِ جَوَاز الِاسْتِثْنَاء فِيمَا لم يكن مَحل المناقشة وَكَانَا متبرعين متباذلين لِأَن الْمَنْع إِنَّمَا هُوَ لكَونه مَظَنَّة المناقشة.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا فرق الله بَينه وَبَين أحبته يَوْم الْقِيَامَة " وَقَالَ لعَلي رَضِي الله عَنهُ حِين بَاعَ أحد الْأَخَوَيْنِ: " رده ".
أَقُول: التَّفْرِيق بَين وَالِده وولدهما يهيجهما على الوحشة والبكاء، وَمثل ذَلِك حَال الْأَخَوَيْنِ، فَوَجَبَ أَن يجْتَنب الْإِنْسَان ذَلِك.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِذا نودى للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله وذرا البيع}
أَقُول: يتَعَلَّق الحكم بالنداء الَّذِي هُوَ عِنْد خُرُوج الإِمَام، وَلما كَانَ الِاشْتِغَال بِالْبيعِ وَنَحْوه كثيرا مَا يكون مفضيا إِلَى ترك الصَّلَاة وَترك اسْتِمَاع الْخطْبَة نهى عَن ذَلِك.
وَقيل: قد غلا السّعر فسعر لنا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام:
" إِن الله هُوَ المسعر الْقَابِض الباسط الرازق وَإِنِّي لأرجو أَن ألْقى الله وَلَيْسَ أحد يطلبني بمظلمة "،
أَقُول: لما كَانَ الحكم الْعدْل بَين المشترين وَأَصْحَاب السّلع الَّذِي لَا يتَضَرَّر بِهِ أَحدهمَا، أَو يكون تضررهما سَوَاء فِي غَايَة الصعوبة تورع مِنْهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يتخذها الْأُمَرَاء من بعده سنة، وَمَعَ ذَلِك فان رؤى مِنْهُم جور ظَاهر لَا يشك فِيهِ النَّاس جَازَ تَغْيِيره فانه من الافساد فِي الأَرْض.
قَالَ الله تَعَالَى:
{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذْ تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه}
اعْلَم أَن الدّين أعظم الْمُعَامَلَات مناقشة وبأكثرها جدلا، وَلَا بُد مِنْهُ للْحَاجة، فَلذَلِك أكد الله تَعَالَى فِي الْكِتَابَة والاستشهاد، وَشرع الرَّهْن وَالْكَفَالَة، وَبَين إِثْم كتمان الشَّهَادَة، وَأوجب بالكفاية الْقيام بِالْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَة، وَهُوَ من الْعُقُود الضرورية.
وَقدم رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي الثِّمَار السّنة والسنتين وَالثَّلَاث، فَقَالَ:
" من أسلف فِي شَيْء، فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم "