أَقُول: ذَلِك لترتفع المناقشة بِقدر
الْإِمْكَان، وقاسوا عَلَيْهَا الْأَوْصَاف الَّتِي يبين بهَا الشَّيْء من غير تضييق، ومبنى الْقَرْض على التَّبَرُّع من أول الْأَمر، وَفِيه معنى الْإِعَارَة؛ فَلذَلِك جَازَت النَّسِيئَة، وَحرم الْفضل، ومبنى الرَّهْن على الاستيثاق، وَهُوَ بِالْقَبْضِ، فَلذَلِك اشْترط فِيهِ، وَلَا اخْتِلَاف عِنْدِي بَين حَدِيث " لَا يغلق الرَّهْن الرهت من صَاحبه الَّذِي رَهنه لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه " وَحَدِيث " الظّهْر يركب بِنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُونا، وَلبن الدّرّ يشرب بِنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُونا، وعَلى الَّذِي يركب وَيشْرب النَّفَقَة "؛ لِأَن الأول هُوَ الْوَظِيفَة، لَكِن إِذا امْتنع الرَّاهِن من النَّفَقَة عَلَيْهِ، وَخيف الْهَلَاك، وأحياه الْمُرْتَهن، فَعِنْدَ ذَلِك ينْتَفع بِهِ بِقدر مَا يرَاهُ النَّاس عدلا.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَاب الْكَيْل وَالْمِيزَان:
" إِنَّكُم قد وليتم أَمريْن هَلَكت فِيهَا الْأُمَم السَّابِقَة قبلكُمْ " أَقُول: يحرم التطفيف لِأَنَّهُ خِيَانَة وَسُوء مُعَاملَة، وَقد سبق فِي قوم شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام مَا اقص الله تَعَالَى فِي كِتَابه.
وَقَالَ: " أَيّمَا رجل أفلس، فَأدْرك رجل مَاله بِعَيْنِه، فَهُوَ أَحَق بِهِ " أَقُول: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الأَصْل مَاله من غير مزاحمة، ثمَّ بَاعه، وَلم يرض فِي بَيْعه بِخُرُوجِهِ من يَده إِلَّا بِالثّمن، فَكَانَ البيع إِنَّمَا هُوَ بِشَرْط إِيفَاء الثّمن، فَلَمَّا لم يؤد كَانَ لَهُ نقضه مَا دَامَ الْمَبِيع قَائِما بِعَيْنِه، فَإِذا فَاتَ الْمَبِيع لم يُمكن أَن يرد الْمَبِيع، فَيصير دينه كَسَائِر الدُّيُون.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سره أَن ينجيه الله من كرب يَوْم الْقِيَامَة فلينفس عَن مُعسر أَو يضع عَنهُ ".
أَقُول: هَذَا ندب إِلَى السماحة الَّتِي هِيَ من أصُول مَا ينفع فِي الْمعَاد والمعاش، وَقد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute