للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عصبات فقد اجْتمع فيهم الْقَرَابَة الْقَرِيبَة والحماية، وَكَثِيرًا مَا يكون مَعَ ذَلِك وَرَثَة آخَرُونَ كالبنت والبنين وَالزَّوْج فَلَو لم يَجْعَل لَهَا السُّدس حصل التفسيق عَلَيْهِم. وَقَالَ تَعَالَى:

{وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم إِن لم يكن لَهُنَّ ولد فَإِن كَانَ لَهُنَّ ولد فلكم الرّبع مِمَّا تركن من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن مِمَّا تركْتُم من بعد وَصِيَّة توصون بهَا أَو دين} .

أَقُول: الزَّوْج يَأْخُذ الْمِيرَاث لِأَنَّهُ ذُو الْيَد عَلَيْهَا وعَلى مَالهَا، فاخراج المَال من يَده يسوؤه، وَلِأَنَّهُ يودع مِنْهَا، ويأمنها فِي ذَات يَده حَتَّى يتخيل أَن لَهُ حَقًا قَوِيا فِيمَا فِي يَدهَا أَو الزَّوْجَة تَأْخُذ حق الْخدمَة والمواساة والرفق ففضل الزَّوْج على الزَّوْجَة، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:

{الرِّجَال قوامون على النِّسَاء}

ثمَّ اعْتبر أَلا يضيقا على الْأَوْلَاد، وَقد علمت أَن الْفضل الْمُعْتَبر فِي أَكثر الْمسَائِل فضل التَّضْعِيف قَالَ تَعَالَى:

{وَإِن كَانَ رجل يُورث كللة أَو امْرَأَة وَله أَخ أَو أُخْت فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث} .

أَقُول: هَذِه الْآيَة فِي أَوْلَاد الْأُم للاجماع، وَلما لم يكن لَهُ وَالِد وَلَا ولد جعل لحق الرِّفْق - إِذا كَانَت فيهم الْأُم - النّصْف، وَلحق النُّصْرَة والحماية النّصْف، فان لم تكن أم جعل لَهُم الثُّلُثَانِ، ولهؤلاء الثُّلُث، قَالَ الله تَعَالَى:

{يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الكللة إِن امرؤا هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك وَهُوَ يَرِثهَا إِن لم يكن لَهَا ولد فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا ترك وَإِن كَانُوا أخوة رجَالًا وَنسَاء فللذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} الْآيَة.

أَقُول: هَذِه الْآيَة فِي أَوْلَاد الْأَب بني الْأَعْيَان وَبني العلات بالاجماع، والكلالة من لَا وَالِد لَهُ وَلَا ولد، وَقَوله (لَيْسَ لَهُ ولد) كشف لبَعض حَقِيقَة الْكَلَالَة، وَالْجُمْلَة فِي ذَلِك أَنه إِذا لم يُوجد من يدْخل فِي عَمُود النّسَب حمل أقرب من يشبه الْأَوْلَاد وهم الْأُخوة وَالْأَخَوَات على الْأَوْلَاد.

قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِي فَهُوَ لأولى، رجل ذكر ".

أَقُول: قد علمت أَن الأَصْل فِي التَّوَارُث مَعْنيانِ، وَقد ذكرناهما وَأَن الْمَوَدَّة، والرفق لَا يعْتَبر إِلَّا فِي الْقَرَابَة الْقَرِيبَة جدا كالأم والأخوة دون مَا سوى ذَلِك، فَإِذا جاوزهم

<<  <  ج: ص:  >  >>