للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِنْسَان أما النّسخ بِخمْس فللاحتياط لِأَن الطِّفْل إِذا أرضع خمس رَضعَات غزيرات يظْهر الرونق والنضارة على وَجهه وبدنه، وَإِذا أَصَابَهُ عوز اللَّبن فِي هَذِه الرضعات وَكَانَت الْمُرْضع غير ذَات در ظهر على بدنه القحول والهزال وَهَذِه آيَة أَنَّهَا سَبَب التنمية وَقيام الهيكل وَمَا دون ذَلِك لَا يظْهر أَثَره.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تحرم الرضعة والرضعتان، وَلَا تحرم المصة والمصتان، لَا تحرم الإملاجة وَلَا الإملاجتان " وَأما على قَول من قَالَ يحرم الْكثير والقليل فالسبب تَعْظِيم أَمر الرَّضَاع وَجعله كالمؤثر بالخاصية كَسنة الله تَعَالَى فِي سَائِر مَا لَا يدْرك منَاط حكمه.

وَالثَّانِي أَن يكون الرَّضَاع فِي أول قيام الهيكل وتشبح صُورَة الْوَلَد، وَإِلَّا فَهُوَ غذَاء بِمَنْزِلَة سَائِر الأغذية الكائنة بعد التشبح وَقيام الهيكل كالشاب يَأْكُل الْخبز، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِن الرضَاعَة من المجاعة " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا فتق الأمعاء فِي الثدي، وَكَانَ قبل الْفِطَام ".

وَمِنْهَا الِاحْتِرَاز عَن قطع الرَّحِم بَين الْأَقَارِب؛ فَإِن الضرتين تتحاسدان، وينجر الْبَعْض إِلَى أقرب النَّاس مِنْهُمَا، والحسد بَين الْأَقَارِب أخنع وأشنع، وَقد كره جماعان من السّلف ابْنَتي عَم لذَلِك، فَمَا ظَنك بامرأتين أَيهمَا فرض ذكرا حرمت عَلَيْهِ الْأُخْرَى كالأختين، وَالْمَرْأَة، وعمتها، وَالْمَرْأَة، وخالتها، وَقد اعْتبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الأَصْل فِي تَحْرِيم الْجمع بَين بنت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبنت غَيره؛ فَإِن الْحَسَد من الضره واستئثارها من الزَّوْج كثيرا مَا ينجران إِلَى بغضها وبغض أَهلهَا، وبغض النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَو بِحَسب الْأُمُور المعاشية يُفْضِي إِلَى الْكفْر، وَالْأَصْل فِي هَذَا الْأخْتَان، وَنبهَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقولة: " لَا يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها " الحَدِيث على وَجه الْمَسْأَلَة.

وَمِنْهَا الْمُصَاهَرَة فَإِنَّهُ لَو جرت السّنة رَغْبَة بَين النَّاس أَن يكون للْأُم رَغْبَة فِي زوج بنتهَا وللرجال فِي حلائل الْأَبْنَاء وَبَنَات نِسَائِهِم لأفضى إِلَى السَّعْي فِي فك ذَلِك الرَّبْط أَو قتل من يشح بِهِ، وَإِن أَنْت تسمعت إِلَى قصَص قدماء الفارسيين واستقرأت حَال أهل زَمَانك من الَّذين لم يتقيدوا بِهَذِهِ السّنة الراشدة وجدت أمروا عظاما ومهالك ومظالم لَا تحصى،

<<  <  ج: ص:  >  >>