الشَّرَائِع على السِّهَام الْمَعْلُوم مقدارها عِنْد الحاسب وَغَيره، والمنقلة فِيهَا خَمْسَة عشر بَعِيرًا لِأَنَّهَا إِيضَاح وَكسر وَنقل فَصَارَ بِمَنْزِلَة ثَلَاثَة إيضاحات والجائفة والآمة أعظما الْجِرَاحَات فَمن حَقّهمَا أَن يَجْعَل فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ثلث الدِّيَة لِأَن الثُّلُث يقدر بِهِ مَا دون النّصْف.
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" هَذِه وَهَذِه سَوَاء " يَعْنِي الحنصر والابهام، وَقَالَ " الثَّنية والضرس سَوَاء ".
أَقُول وَالسَّبَب أَن الْمَنَافِع الْخَاصَّة بِكُل عُضْو عُضْو لما صَعب ضَبطهَا وَجب أَن يدار الحكم على الْأَسَامِي وَالنَّوْع.
وَاعْلَم أَن من الْقَتْل وَالْجرْح مَا يكون هدرا وَذَلِكَ لأحد وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يكون دفعا لشر يلْحق بِهِ، وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوَاب من قَالَ:
" يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن جَاءَ رجل يُرِيد أَخذ مَالِي؟ قَالَ: فَلَا تعطه مَالك، قَالَ: أَرَأَيْت إِن قاتلني؟ قَالَ: قَاتله، قَالَ: أَرَأَيْت إِن قتلني؟ قَالَ: فَأَنت شَهِيد، قَالَ: أَرَأَيْت إِن قتلته؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّار ".
وعض إِنْسَان إنْسَانا، فَانْتزع المعضوض يَده من فَمه، فأندر ثنيته، فأهدرها رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَالْحَاصِل أَن الصَّائِل على نفس الْإِنْسَان أَو طرفه أَو مَاله يجوز ذبه بِمَا أمكن، فان انجر الْأَمر إِلَى الْقَتْل لَا إِثْم فِيهِ، فان الْأَنْفس السبعية كثيرا مَا يتغلبون فِي الأَرْض، فَلَو لم يدفعوا لضاق الْحَال وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَو اطلع فِي بَيْتك أحد، وَلم تَأذن لَهُ، فحذفته بحصاة، ففقأت عينه مَا كَانَ عَلَيْك من جنَاح ".
وَأما أَن يكون بِسَبَب لَيْسَ فِيهِ تعد لأحد، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة الْآفَات السماوية، وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" العجماء جَبَّار، والمعدن جَبَّار، والبئر جَبَّار ".
أَقُول: وَذَلِكَ لِأَن الْبَهَائِم تسرح للمرعى، فاذا أَصَابَت أحدا لم يكن ذَلِك من صنع مَالِكهَا، وَكَذَلِكَ إِذا وَقع فِي الْبِئْر أَو انطبق عَلَيْهِ الْمَعْدن، ثمَّ إِن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجل عَلَيْهِم أَن يحتاطوا لِئَلَّا يصاب أحد مِنْهُم بخطأ، فان من القرف والتلف.