للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَنْصَار يسقين المَاء ويداوين الْجَرْحى، ويعبي الْجَيْش ميمنة وميسرة، وَيجْعَل لكل قوم راية، وَلكُل طَائِفَة أَمِيرا وعريفا كَمَا فعل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْفَتْح لِأَنَّهُ أَكثر إرهابا وَأقرب ضبطا، ويعين لَهُم شعارا يتكلمونه فِي البيات لِئَلَّا يقتل بَعضهم بَعْضًا كَمَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل، وَيخرج يَوْم الْخَمِيس أَو الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَوْمَانِ يعرض فيهمَا الْأَعْمَال، وَقد ذكرنَا من قبل، " ويكلفهم من السّير مَا يطيقه الضَّعِيف

إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة، وَيتَخَيَّر لَهُم من الْمنَازل أصلحها وأوفرها مَاء، وَينصب الحرس والطلائع إِذا خَافَ الْعَدو، وَيخْفى من أمره مَا اسْتَطَاعَ، ويورى إِلَّا من ذَوي الرَّأْي والنصيحة.

قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" لَا تقطع الْأَيْدِي فِي الْغَزْو " وسره مَا بَينه عمر رَضِي الله عَنهُ أَلا تلْحقهُ حمية الشَّيْطَان فَيلْحق بالكفار، وَلِأَنَّهُ كثيرا مَا يُفْضِي إِلَى اخْتِلَاف بَين النَّاس، وَذَلِكَ يخل بمصلحتهم، وَيُقَاتل أهل الْكتاب وَالْمَجُوس حَتَّى يسلمُوا أَو يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون، وَلَا يقتل وليدا. وَلَا امْرَأَة، وَلَا شَيخا فانيا إِلَّا عِنْد ضَرُورَة كالبيات، وَلَا يقطع الشّجر، وَلَا يحرق، وَلَا يعقر الدَّوَابّ إِلَّا إِذا تعيّنت الْمصلحَة فِي ذَلِك كالبويرة قَرْيَة بني النَّضِير، وَلَا يخيس بالعهد، وَلَا يحبس الْبرد لِأَنَّهُ سَبَب انْقِطَاع المراسلة بَينهم، ويخدع فَإِن الْحَرْب خدعة، ويهجم عَلَيْهِم غارين ويرميهم بالمنجنيق، ويحاصرهم، ويضيق عَلَيْهِم ثَبت عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل ذَلِك، وَلِأَن الْقِتَال لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِهِ كَمَا لَا حَاجَة إِلَى شَرحه، وَيجوز المبارزة بِإِذن الإِمَام لمن وثق بِنَفسِهِ كَمَا فعل عَليّ. وَحَمْزَة رَضِي الله عَنْهُمَا. وللمسلمين أَن يتصرفوا فِيمَا يجدونه هُنَالك من الْعلف وَالطَّعَام من غير أَن يُخَمّس لِأَنَّهُ لَو لم يرخص فِيهِ لضاق الْحَال فَإِذا أَسرُّوا أسراء خير الإِمَام بَين أَربع خِصَال، الْقَتْل، وَالْفِدَاء، والمن، والارقاق يفعل من ذَلِك الأحظ وَللْإِمَام أَن يعطيهم الْأمان ولآحادهم.

وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره} .

وَذَلِكَ لِأَن دُخُولهمْ فِي الْإِسْلَام لَا يتَحَقَّق إِلَّا بمخالطة الْمُسلمين وَمَعْرِفَة حجتهم وسيرتهم.

وَأَيْضًا فكثيرا مَا تقع الْحَاجة إِلَى تردد التُّجَّار وأشباههم، ويصالحهم بِمَال وَبِغير مَال فَإِن الْمُسلمين رُبمَا يضعفون عَن مقاتلة الْكفَّار فيحتاجون إِلَى الصُّلْح وَرُبمَا يَحْتَاجُونَ إِلَى المَال يتقوون بِهِ، أَو إِلَى أَن يأمنوا من شَرّ قوم فيجاهدوا آخَرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>