للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسع بَيت المَال الصّرْف إِلَى المتوطنين فِي بِلَادهمْ غير الْمُجَاهدين فَلَا اخْتِلَاف بَين هَذَا وَبَين قَول عمر رَضِي الله عَنهُ: فَأَيْنَ عِشْت فليأتين الرَّاعِي وَهُوَ بسرو حمير نصِيبه مِنْهَا لم يعرق فِيهَا جَبينه يَعْنِي إِذا فتح كنوز الْمُلُوك وَجِيء من الْخراج شَيْء كثير فَيبقى بعد حَظّ الْمُقَاتلَة وَغَيرهم

الثَّالِثَة أَن يَكُونُوا من أهل الذِّمَّة، ويؤدوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون

فبالأولى تحصل المصلحتان من نظام الْعَالم وَرفع التظالم من بَينهم وَمن تَهْذِيب نُفُوسهم بِأَن يحصل نجاتهم من النَّار ويكونوا ساعين فِي تمشية أَمر الله.

وبالثانية النجَاة من النَّار من غير أَن ينالوا دَرَجَات الْمُجَاهدين.

وبالثالثة زَوَال شَوْكَة الْكفَّار وَظُهُور شَوْكَة الْمُسلمين، وَقد بعث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهَذِهِ الْمصَالح.

وَيجب على الإِمَام أَن ينظر فِي أَسبَاب ظُهُور شَوْكَة الْمُسلمين وَقطع أَيدي الْكفَّار عَنْهُم، ويجتهد، ويتأمل فِي ذَلِك فيفعل مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده مِمَّا عرف هُوَ أَو نَظِيره عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلفائه رَضِي الله عَنْهُم؛ لِأَن الْأَمَام إِنَّمَا جعل لمصَالح، وَلَا تتمّ إِلَّا بذلك، وَالْأَصْل فِي هَذَا الْبَاب سير النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَنحن نذْكر حَاصِل أَحَادِيث الْبَاب:

فَنَقُول. يجب أَن يشحن ثغور الْمُسلمين بجيوش يكفون من يليهم، وَيُؤمر عَلَيْهِم رجلا شجاعا ذَا رَأْي ناصحا للْمُسلمين وَإِن احْتَاجَ إِلَى حفر خَنْدَق أَو بِنَاء حصن فعله كَمَا فعله رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الخَنْدَق، وَإِذا بعث سَرِيَّة أَمر عَلَيْهِم أفضلهم أَو أنفعهم للْمُسلمين، وأوصاه فِي نَفسه وبجماعة الْمُسلمين خيرا كَمَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل، وَإِذا أَرَادَ الْخُرُوج للغزو عرض جَيْشه، ويتعاهد الْخَيل وَالرِّجَال فَلَا يقبل من دون خمس عشرَة سنة كَمَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذَلِك، وَلَا مخذلا وَهُوَ الَّذِي يقْعد النَّاس عَن الْغَزْو، وَلَا مرجفا وَهُوَ الَّذِي يحدث بِقُوَّة الْكفَّار، وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى. {كره الله انبعائهم فَثَبَّطَهُمْ وَقيل اقعدوا مَعَ القاعدين لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إِلَّا خبالا} .

وَلَا مُشْركًا لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِنَّا لَا نستعين بمشرك إِلَّا عِنْد ضَرُورَة ووثوق بِهِ " وَلَا امْرَأَة شَابة يخَاف عَلَيْهَا، وَيَأْذَن للطاعنة فِي السن لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْزُو بِأم سليم ونسوة من

<<  <  ج: ص:  >  >>