للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقُول: فِي اخْتِيَار أقرب طَرِيق لازهاق الرّوح اتِّبَاع دَاعِيَة الرَّحْمَة وَهِي خلة يرضى بهَا رب الْعَالمين ويتوقف عَلَيْهَا اكثر الْمصَالح المنزلية والمدنية.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا يقطع من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة فَهِيَ ميتَة " أَقُول:

" كَانُوا يجبونَ أسنمة الابل ويقطعون إليات الْغنم وَفِي ذَلِك تَعْذِيب ومناقضة لما شرع الله من الذّبْح، فَنهى عَنهُ.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" من قتل عصفورا فَمَا فَوْقه بِغَيْر حَقه سَأَلَهُ الله عز وَجل عَن قَتله، قيل: يَا رَسُول الله وَمَا حَقه؟ قَالَ. أَن يذبحه فيأكله

وَلَا يقطع رَأسه فَيرمى بِهِ " أَقُول: هَهُنَا شيآن متشابهان لَا بُد من التَّمْيِيز بَينهمَا: أَحدهمَا الذّبْح للْحَاجة وَاتِّبَاع دَاعِيَة إِقَامَة مصلحَة نوع الْإِنْسَان.

وَالثَّانِي السَّعْي فِي الأَرْض بِفساد نوع الْحَيَوَان وَاتِّبَاع دَاعِيَة قسوة الْقلب.

وَاعْلَم أَنه كَانَ الِاصْطِيَاد ديدنا للْعَرَب وسيرة فَاشِية فيهم حَتَّى كَانَ ذَلِك أحد المكاسب الَّتِي عَلَيْهَا معاشهم فأباحه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَين مَا فِي إكثاره بقوله:

" من اتبع الصَّيْد لَهَا ".

وَأَحْكَام الصَّيْد تبنى على أَنه مَحْمُول على الذّبْح فِي جَمِيع الشُّرُوط إِلَّا فِيمَا يعسر الْحِفْظ عَلَيْهِ وَيكون أَكثر سَعْيهمْ أَن اشْترط بَاطِلا فَيشْتَرط التَّسْمِيَة على إرْسَال الْجَارِح أَو الرَّمْي وَنَحْوهَا وَيشْتَرط أَهْلِيَّة الصَّائِد وَلَا يشْتَرط الذّبْح وَلَا الْحلق واللبة وعَلى تَحْقِيق ذاتيات الِاصْطِيَاد كارسال الْجَارِح الْمعلم قصدا وَإِلَّا كَانَ ظفرا بالصيد اتِّفَاقًا لَا اصطيادا، وَكَون الْجَارِح لم يَأْكُل مِنْهُ فَإِن أكل فَأدْرك حَيا وذكى حل وَإِلَّا لَا، وَذَلِكَ تَحْقِيقا لِمَعْنى الْمعلم وتميزا لَهُ مِمَّا أكل السَّبع.

وَسُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن أَحْكَام الصَّيْد والذبائح فَأجَاب بالتخريج على هَذِه الْأُصُول.

قيل: إِنَّا بِأَرْض قوم أهل كتاب أفنأ كل فِي آنيتهم؟ وبأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الَّذِي لَيْسَ بمعلم ولكلبي الْمعلم فَمَا يصلح لي؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما مَا ذكرت من آنِية أهل الْكتاب فَإِن وجدْتُم غَيرهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِن لم تَجدوا فاغسلوها وكلوا فِيهَا وَمَا صدت بقوسك فَذكرت اسْم الله فَكل وَمَا صدت بكلبك الْمعلم فَذكرت اسْم الله فَكل وَمَا صدت بكلبك غير الْمعلم وَأدْركت ذَكَاته فَكل ".

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" فَإِن وجدْتُم غَيرهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>