للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَلَد الَّذِي حصل من جماع اشْترك فِيهِ الشَّيَاطِين وقضوا عِنْده وطرهم قَلِيل الْبركَة مائلا إِلَى الشيطنة، وَالطَّعَام الَّذِي باشروه وقضوا بِهِ وطرهم قَلِيل الْبركَة لَا ينفع النَّاس بل رُبمَا يضرهم وَذكر اسْم الله والتعوذ بِاللَّه مضاد بالطبع لَهُم، وَلذَلِك ينخنسون عَمَّن ذكر الله وتعوذ بِهِ

وَقد اتّفق لنا أَنه زارنا ذَات يَوْم رجل من أَصْحَابنَا فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ شَيْئا، فَبينا يَأْكُل إِذا سَقَطت كسرة من يَده وتدهدهت فِي الأَرْض فَجعل يتبعهَا وَجعلت تتباعد عَنهُ حَتَّى تعجب الْحَاضِرُونَ بعض الْعجب وكابد هُوَ فِي تتبعها بعض الْجهد، ثمَّ إِنَّه أَخذهَا فَأكلهَا فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام تخبط الشَّيْطَان إنْسَانا وَتكلم على لِسَانه فَكَانَ فِيمَا تكلم أَنِّي مَرَرْت بفلان وَهُوَ يَأْكُل فَأَعْجَبَنِي ذَلِك الطَّعَام فَلم يطعمني شَيْئا فخطفته من يَده فنازعني حَتَّى أَخذه مني.

وَبينا يَأْكُل أهل بيتنا أصُول الجزر إِذا تدهده بَعْضهَا فَوَثَبَ عَلَيْهِ إِنْسَان فَأَخذه وَأكله فَأَصَابَهُ وجع فِي صَدره ومعدته ثمَّ تخبطه الشَّيْطَان فَأخْبر على لِسَانه أَنه كَانَ أَخذ ذَلِك المتدهدة، وَقد قرع أسماعنا شَيْء كثير من هَذَا النَّوْع حَتَّى علمنَا أَن هَذِه الْأَحَادِيث لَيست من بَاب إِرَادَة الْمجَاز وَإِنَّمَا أُرِيد بهَا حَقِيقَتهَا، وَالله أعلم.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذا وَقع الذُّبَاب فِي إِنَاء أحدكُم فليغمسه كُله ثمَّ ليطرحه فَإِن فِي أحد جناحيه شِفَاء وَفِي الآخر دَاء " وَفِي رِوَايَة " وَإنَّهُ يتقى بجناحيه الَّذِي فِيهِ الدَّاء " وَأعلم أَن الله تَعَالَى خلق الطبيعة فِي الْحَيَوَان مُدبرَة لبدنه فَرُبمَا دفعت الْموَاد المؤذية الَّتِي لَا تصلح أَن تصير جُزْء الْبدن من أعماق الْبدن إِلَى أَطْرَافه وَلذَلِك نهى الْأَطِبَّاء عَن أكل أَذْنَاب الدَّوَابّ

فالذباب كثيرا مَا يتَنَاوَل أغذية فَاسِدَة لَا تصلح جُزْءا للبدن فتدفعها الطبيعة إِلَى أخس عُضْو مِنْهُ كالجناح، ثمَّ إِن ذَلِك الْعُضْو لما فِيهِ من الْمَادَّة السمية ينْدَفع إِلَى الحك وَيكون أقدم أَعْضَائِهِ عِنْد الهجوم فِي المضايق، وَمن حِكْمَة الله تَعَالَى أَنه لم يَجْعَل فِي شَيْء سما إِلَّا جعل فِيهِ ترياقيه لتحفظ بهَا بَينه الْحَيَوَان، وَلَو ذكرنَا هَذَا المبحث من الطِّبّ لطال الْكَلَام. وَبِالْجُمْلَةِ فسم لسع الذُّبَاب فِي بعض الْأَزْمِنَة وَعند تنَاول بعض الأغذية محسوس مَعْلُوم وتحرك الْعُضْو الَّذِي تنْدَفع إِلَيْهِ الْمَادَّة اللذاعة مَعْلُوم، وَأَن الطبيعة يختفي فِيهَا مَا يُقَاوم مثل هَذِه الْموَاد المؤذية مَعْلُوم فَمَا الَّذِي يستبعد من هَذَا المبحث.

وَمَا أكل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على خوان وَلَا فِي سكرجة وَلَا خبز لَهُ مرقق وَلَا رأى

<<  <  ج: ص:  >  >>