للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَاة سميطا بِعَيْنِه قطّ. وَلَا أكل مُتكئا. وَمَا رأى منخلا كَانُوا يَأْكُلُون الشّعير غير منخول.

اعْلَم أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث فِي الْعَرَب وعاداتهم أَوسط الْعَادَات وَلم يَكُونُوا يتكلفون تكلّف الْعَجم وَالْأَخْذ بهَا أحسن وَأدنى أَلا يتعمقوا فِي الدُّنْيَا وَلَا يعرضُوا عَن ذكر الله، وَأَيْضًا أحسن لأَصْحَاب الْملَّة من أَن يتبعوا إمامها فِي كل نقير وقطمير.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن الْمُؤمن يَأْكُل فِي معى وَاحِد وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء ".

أَقُول: مَعْنَاهُ أَن الْكَافِر همه بَطْنه وَالْمُؤمن همه آخرته وَأَن الحرى

بِالْمُؤمنِ أَن يقلل الطَّعَام وَأَن تقليله خصْلَة من خِصَال الْإِيمَان وَأَن شرة الْأكل خصْلَة من خِصَال الْكفْر.

وَنهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يقرن الرجل بَين تمرتين.

أَقُول: النَّهْي عَن الْقرَان يحْتَمل وُجُوهًا: مِنْهَا أَنه لَا يحسن المضع عِنْد جمع تمرتين وَأَنه أدنى أَن تؤذيه إِحْدَى النواتين لنُقْصَان ضبطهما بِخِلَاف النواة الْوَاحِدَة.

وَمِنْهَا أَن ذَلِك هَيْئَة من هيآت الشره والحرص.

وَمِنْهَا أَنه استئثار على أَصْحَابه ومظنة أَن يكرههُ أَصْحَابه وَيَزُول هَذَا الْمَعْنى بالاذن.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يجوع أهل بَيت عِنْدهم تمر وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " بَيت لَا تمر فِيهِ جِيَاع أَهله " وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " نعم الادام الْخلّ ".

أَقُول من تَدْبِير الْمنزل أَن يدّخر فِي بَيته شَيْئا تافها يجده رخيصا فِي السُّوق كالتمر فِي الْمَدِينَة وأصول الجزر وَنَحْوهَا فِي سَواد بِلَادنَا فَإِن وجد طَعَاما يشتهيه فِيهَا إِلَّا كَانَ الَّذِي عِنْده كفافا لَهُم وسترا فان لم يَفْعَلُوا ذَلِك كَانُوا على شرف الْجُوع وَكَذَلِكَ حَال الادام.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل ثوما أَو بصلا فليعتزلنا " وأتى بِقدر فِيهِ خضرات لَهَا رَائِحَة فَقَالَ، لبَعض اصحابة: " كل فَانِي أُنَاجِي من لَا تناجي ".

أَقُول: الْمَلَائِكَة تحب من النَّاس النَّظَافَة وَالطّيب وكل شَيْء يهيج خلق

التَّنْظِيف وتتنفر من أضداد ذَلِك، وَفرق النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَين مَا كَانَ هُوَ شَرِيعَة الْمُحْسِنِينَ المتلعلع فيهم أنوار الملكية وَبَين غَيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>