للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا الْجِنْس المستغرب الناعم من الثِّيَاب.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ يَوْم الْقِيَامَة " وسره مثل مَا ذكرنَا فِي الْخمر

وَنهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن لبس الْحَرِير والديباج وَعَن لبس القسى

والمياثر والأرجوان، وَرخّص فِي مَوضِع إِصْبَعَيْنِ أَو ثَلَاثَة لِأَنَّهُ لَيْسَ من بَاب اللبَاس وَرُبمَا تقع الْحَاجة إِلَى ذَلِك، وَرخّص للزبير. وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي لبس الْحَرِير لحكمة بهما لِأَنَّهُ لم يقْصد حِينَئِذٍ بِهِ الإرفاه وَإِنَّمَا قصد الِاسْتِشْفَاء.

وَمِنْهَا الثَّوْب الْمَصْبُوغ بلون مطرب يحصل بِهِ الْفَخر والمراءاة؛ فَنهى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن المعصفر والمزعفر، وَقَالَ: " إِن هَذِه من ثِيَاب أهل النَّار " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلا طيب الرِّجَال ريح لَا لون لَهُ وَطيب النِّسَاء لون لَا ريح لَهُ " وَلَا اخْتِلَاف بَين قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِن البذاذة من الْإِيمَان " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" من لبس ثوب شهرة فِي الدُّنْيَا ألبسهُ الله ثوب مذلة يَوْم الْقِيَامَة "، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ترك لبس ثوب جمال تواضعا كَسَاه الله حلَّة الْكَرَامَة " وَبَين قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَن الله يحب أَن يرى اثر نعْمَته على عَبده " وَرَأى رجلا شعثا، فَقَالَ: " مَا كَانَ يجد هَذَا مَا يسكن بِهِ رَأسه " وَرَأى رجلا عَلَيْهِ ثِيَاب وسخة فَقَالَ: " مَا كَانَ يجد هَذَا مَا يغسل بِهِ ثَوْبه ".

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذا أَتَاك الله مَا لَا فأثر نعْمَة الله وكرامته عَلَيْك " لِأَن هُنَالك شَيْئَيْنِ مُخْتَلفين فِي الْحَقِيقَة قد يشتبهان بادئ الرَّأْي: أَحدهمَا مَطْلُوب، وَالْآخر مَذْمُوم، فالمطلوب ترك الشُّح، وَيخْتَلف باخْتلَاف طَبَقَات النَّاس، فَالَّذِي هُوَ فِي الْمُلُوك شح رُبمَا يكون إسرافا فِي حق الْفَقِير، وَترك عادات البدو واللاحقين بالبهائم وَاخْتِيَار النَّظَافَة ومحاسن الْعَادَات، والمذموم الامعان فِي التَّكَلُّف والمراءاة والتفاخر بالثياب وَكسر قُلُوب الْفُقَرَاء وَنَحْو ذَلِك، وَفِي أَلْفَاظ الحَدِيث إشارات إِشَارَة إِلَى هَذِه الْمعَانِي كَمَا لَا يخفى على المتأمل، ومناط الْأجر ردع النَّفس عَن اتِّبَاع دَاعِيَة الغمط وَالْفَخْر.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا استجد ثوبا سَمَّاهُ باسمه عماقة أَو قَمِيصًا أَو رِدَاء ثمَّ يَقُول: " اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كَمَا كسوتنيه أَسأَلك خَيره وَخير مَا صنع لَهُ وَأَعُوذ بك من شَره وَشر مَا صنع لَهُ " وَقد مر سره من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>