للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعمقون فِي التجمل ويجعلون ذَلِك أحد وُجُوه الْفَخر وغمط النَّاس، فَكَانَ إخمال مَذْهَبهم جَمِيعًا ورد طريقهم أحد الْمَقَاصِد الشَّرْعِيَّة، فان مبْنى الشَّرَائِع على التَّوَسُّط بَين المنزلتين، وَالْجمع بَين المصلحتين.

وَقَالَ رَسُول الله:

" الْفطْرَة خمس: الْخِتَان. والاستحداد. وقص الشَّارِب. وتقليم الأظافر. ونتف الابط " ثمَّ مست الْحَاجة إِلَى تَوْقِيت ذَلِك ليمكن الْإِنْكَار على من خَالف السّنة وَلِئَلَّا يصل المتورع إِلَى الْحلق والنتف كل يَوْم، والمتهاون إِلَى تَركهَا سنة فوقت قصّ الشَّارِب وتقليم الأظافر ونتف الابط وَحلق الْعَانَة أَلا يتْرك أَكثر من أَرْبَعِينَ لَيْلَة.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يصبغون " وَكَانَ أهل الْكتاب يسدلون، وَالْمُشْرِكُونَ يفرقون، فسدل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ناصيته ثمَّ فرق بعد، فالسدل أَن يُرْخِي ناصيته على وَجهه، وَهِي هَيْئَة بذة، وَالْفرق أَن يَجعله ضفيرتين يُرْسل كل ضفيرة إِلَى صدغ.

وَنهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن القزع.

أَقُول: السِّرّ فِيهِ أَنه من هيآت الشَّيَاطِين، وَهُوَ نوع من الْمثلَة تعافها الْأَنْفس إِلَّا الْقُلُوب المؤفة باعتيادها، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" من كَانَ لَهُ شعر فليكرمه، وَنهى عَن التَّرَجُّل إِلَّا غبا يُرِيد التَّوَسُّط بَين الافراط والتفريط.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ الْمُغيرَات خلق الله " وَلعن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

المتشبهين من الرِّجَال بِالنسَاء والمتشبهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ، أَقُول: الأَصْل فِي ذَلِك ان الله خلق كل نوع وصنف متقيضيا لظُهُور أَحْكَام فِي الْبدن كالرجال تلتحي وكالنساء يصغين إِلَى نوع من الطَّرب والخفة، فاقتضاؤها للْأَحْكَام لِمَعْنى فِي المبدأ هُوَ بِعَيْنِه كَرَاهِيَة أضدادها، وَلذَلِك كَانَ المرضي بَقَاء كل نوع

<<  <  ج: ص:  >  >>