للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَلى ثُبُوت اصل الْعَدْوى. وعَلى ثُبُوت اصل الشؤم فِي الْمَرْأَة وَالْفرس وَالدَّار، فَلَا جرم أَن المُرَاد نَفيهَا من حَيْثُ جَوَاز الِاشْتِغَال بهَا وَمن حَيْثُ أَنه لَا يجوز الْمُخَاصمَة فِي ذَلِك فَلَا يسمع خُصُومَة من ادّعى على أحد على أَنه قتل إبِله وأمرضها بادخال الابل الْمَرِيضَة عَلَيْهَا وَنَحْو ذَلِك كَيفَ وَأَنت خَبِير بِأَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عَن الكهانة وَهِي الاخبار عَن الْجِنّ أَشد نهي وَبرئ مِمَّن أَتَى كَاهِنًا، ثمَّ لما سُئِلَ عَن حَال الْكُهَّان أخبر. أَن الْمَلَائِكَة تنزل فِي الْعَنَان فَتذكر الْأَمر قد قضي فِي السَّمَاء فتسترق الشَّيَاطِين السّمع فتسمعه فتوحيه إِلَى الْكُهَّان فيكذبون مَعهَا مائَة كذبة، يَعْنِي أَن الْأَمر إِذا تقرر فِي الْمَلأ الْأَعْلَى ترشح مِنْهُ رشحات على الْمَلَائِكَة السافلة الَّتِي استعدت للإلهام فَرُبمَا أَخذ مِنْهُم بعض أذكياء الْجِنّ، ثمَّ تتلقى الْكُهَّان مِنْهُم بِحَسب مناسبات جبلية وكسبية فَلَا [تشكن أَن النَّهْي لَيْسَ مُعْتَمدًا على عدمهَا فِي الْخَارِج بل على كَونهَا مَظَنَّة للخطأ والشرك وَالْفساد] كَمَا قَالَ عز من قَائِل:

{قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس وإثمهما أكبر من نفعهما} .

أما الأنواء والنجوم فَلَا يبعد أَن يكون لَهما حَقِيقَة مَا فَإِن الشَّرْع إِنَّمَا

أَتَى بِالنَّهْي عَن الِاشْتِغَال بِهِ لانفى الْحَقِيقَة أَلْبَتَّة وَإِنَّمَا توارث السّلف الصَّالح ترك الأشتغال بِهِ وذم المشتغلين وَعدم الْقبُول بِتِلْكَ التأثيرات لَا القَوْل بِالْعدمِ أصلا، وَإِن مِنْهَا مَا يلْحق البديهيات الأولية كاختلاف الْفُصُول باخْتلَاف أَحْوَال الشَّمْس وَالْقَمَر وَنَحْو ذَلِك.

وَمِنْهَا مَا يدل عَلَيْهِ الحدس والتجربة والرصد كَمثل مَا تدل هَذِه على حرارة الزنجبيل وبرودة الكافور، وَلَا يبعد أَن يكون تأثيرها على وَجْهَيْن: وَجه يشبه الطبائع فَكَمَا أَن لكل نوع طبائع مُخْتَصَّة بِهِ من الْحر وَالْبرد واليبوسة والرطوبة بهَا يتَمَسَّك فِي دفع الْأَمْرَاض فَكَذَلِك للأفلاك وَالْكَوَاكِب طبائع وخواص كحر الشَّمْس ورطوبة الْقَمَر فَإِذا جَاءَ ذَلِك الْكَوْكَب فِي مَحَله ظَهرت قُوَّة فِي الأَرْض أَلا تعلم أَن الْمَرْأَة إِنَّمَا اخْتصّت بعادات النِّسَاء وأخلاقهن الشَّيْء يرجع إِلَى طبيعتها وَإِن خَفِي إِدْرَاكهَا، وَالرجل إِنَّمَا اخْتصَّ بالجراءة والجهورية وَنَحْوهمَا لِمَعْنى فِي من مزاجه " فَلَا تنكر أَن يكون لحلول قوى الزهرة والمريخ وبالأرض أثر كأثر هَذِه الطبائع الْخفية ".

وَثَانِيهمَا وَجه يشبه قُوَّة روحانية متركبة مَعَ الطبيعة وَذَلِكَ مثل قُوَّة نفسانية فِي الْجَنِين من قبل أمه وَأَبِيهِ، والمواليد بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّمَوَات والأرضيين كالجنين بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَبِيه وَأمه فَتلك الْقُوَّة تهيئ الْعَالم لفيضان صُورَة حيوانية ثمَّ إنسانية.

ولحلول تِلْكَ القوى بِحَسب الاتصالات الفلكية أَنْوَاع وَلكُل نوع خَواص فأمعن

<<  <  ج: ص:  >  >>