للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوم فِي هَذَا الْعلم فَحصل لَهُم علم النُّجُوم يتعرفون لَهُ الوقائع الْآتِيَة غير أَن الْقَضَاء إِذا انْعَقَد على خِلَافه جعل قُوَّة الْكَوْكَب متصورة بِصُورَة أُخْرَى قريبَة من تِلْكَ الصُّورَة وَأتم الله قَضَاءَهُ من غير أَن ينخرم نظام الْكَوَاكِب فِي خواصها ويعبر عَن هَذِه النُّكْتَة بِأَن الْكَوَاكِب خواصها يجْرِي عَادَة الله لَا باللزوم الْعقلِيّ، وَيُشبه بالأمارات والعلامات، وَلَكِن

النَّاس جَمِيعًا توغلوا فِي هَذَا الْعلم توغلا شَدِيدا حَتَّى صَار مَظَنَّة لكفر الله وَعدم الْإِيمَان فَعَسَى أَلا يَقُول صَاحب توغل هَذَا الْعلم: مُطِرْنَا بِفضل الله وَرَحمته من صميم قلبه بل يَقُول: مُطِرْنَا بَنو كَذَا وَكَذَا فَيكون ذَلِك صادا عَن تحَققه الْإِيمَان الَّذِي هُوَ الأَصْل فِي النجَاة.

وَأما علم النُّجُوم فَإِنَّهُ لَا يضر جَهله إِذْ الله مُدبر للْعَالم على حسب حكمته على علم أحد أَو لم يعلم فَلذَلِك وَجب فِي الْملَّة أَن يخمل ذكره وَينْهى عَن تعلمه ويجهر بِأَن " من اقتبس علما من النُّجُوم اقتبس شُعْبَة من السحر زَاد مَا زَاد " وَمثل ذَلِك مثل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل شدد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من من أَرَادَ أَن ينظر فيهمَا لِكَوْنِهِمَا محرفين ومظنة لعدم الانقياد لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم وَلذَلِك نهوا عَنهُ.

هَذَا مَا أدّى إِلَيْهِ رَأينَا وتفحصنا فَإِن ثَبت من السّنة مَا يدل على خلاف ذَلِك فَالْأَمْر على مَا فِي السّنة.

وَأما الرُّؤْيَا فَهِيَ على خمس أَقسَام: بشرى من الله. وتمثل نوراني من للحمائد والرذائل المندرجة من النَّفس على وَجه ملكي وتخويف من الشَّيْطَان. وَحَدِيث نفس من قبل الْعَادة الَّتِي اعتادتها النَّفس فِي الْيَقَظَة تحفها المتخيلة وَيظْهر فِي الْحس الْمُشْتَرك مَا اختزن فِيهَا. وخيالات طبيعية لغَلَبَة الاخلاط وتنبه النَّفس بأذاها فِي الْبدن

أما الْبُشْرَى من الله فحقيقتها أَن النَّفس الناطقة إِذا انتهزت فرْصَة عَن

غواشي الْبدن بِأَسْبَاب خُفْيَة إِلَّا يكَاد يتفطن لَهَا لآ بعد تَأمل واف استعدت لِأَن يفِيض عَلَيْهَا من منبع الْخَيْر والجود كَمَال علمي فأفيض عَلَيْهِ شَيْء على حسب استعداده ومادته الْعُلُوم المخزونة عِنْده.

وَهَذِه الرُّؤْيَا تَعْلِيم إلهي كالمعراج المنامي الَّذِي رأى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ربه فِي أحسن صُورَة فَعلمه الْكَفَّارَات والدرجات وكالمعراج المنامي الَّذِي انْكَشَفَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْوَال

<<  <  ج: ص:  >  >>