وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يُجزئ عَن الْجَمَاعَة إِذا مروا أَن يسلم أحدهم، وَيُجزئ عَن الْجُلُوس أَن يرد أحدهم " أَقُول: وَذَلِكَ لِأَن الْجَمَاعَة وَاحِدَة فِي الْمَعْنى وَتَسْلِيم وَاحِد مِنْهُم يدْفع الوحشة ويودد بَعضهم بَعْضًا.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِذا انْتهى أحدكُم إِلَى مجْلِس فليسلم فَإِن بدا لَهُ أَن يجلس فليجلس ثمَّ إِذا قَامَ فليسلم فَلَيْسَتْ الأولى بِأَحَق من الْآخِرَة "
أَقُول: سَلام الْوَدَاع فِيهِ فَوَائِد؛ مِنْهَا التَّمْيِيز بَين قيام المتاركة والكراهية، وَقيام الْحَاجة على نِيَّة الْعود لمثل تِلْكَ الصُّحْبَة، وَمِنْهَا أَن يتدارك المتدارك بعض مَا كَانَ يَقْصِدهُ ويهمه من الحَدِيث وَنَحْو ذَلِك، وَمِنْهَا أَلا يكون ذَهَابه من التسلل، والسر فِي المصافحة، وَقَوله: مرْحَبًا بفلان ومعانقة القادم وَنَحْوهَا أَنَّهَا زِيَادَة فِي الْمَوَدَّة والتبشيش وَرفع الوحشة والتدابر.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِذا التقى المسلمان فتصافحا حمدا لله واستغفراه غفر لَهما " أَقُول: وَذَلِكَ لِأَن التبشيش فِيمَا بَين الْمُسلمين توادهم وتلاطفهم وإشاعة ذكر الله فِيمَا بَينهم يرضى بهَا رب الْعَالمين.
وَأما الْقيام فاختلفت فِيهِ الْأَحَادِيث، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من سره أَن يتَمَثَّل لَهُ الرجل قيَاما فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار
" وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تقوموا كَمَا يقوم الْأَعَاجِم يعظم بَعضهم بَعْضًا " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قصَّة سعد:
" قومُوا إِلَى سيدكم " وَكَانَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا إِذا دخلت على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهَا فَأخذ بِيَدِهَا فقبلها وأجلسها فِي مَجْلِسه، وَإِذا دخل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا قَامَت وَأخذت بِيَدِهِ فقبلته وأجلسته فِي مجلسها.
أَقُول: وَعِنْدِي أَنه لَا اخْتِلَاف فِيهَا فِي الْحَقِيقَة فَإِن الْمعَانِي الَّتِي يَدُور عَلَيْهَا الْأَمر وَالنَّهْي مُخْتَلفَة فَإِن الْعَجم كَانَ من أَمرهم أَن تقوم الخدم بَين أَيدي سادتهم والرعية بَين أَيدي مُلُوكهمْ وَهُوَ من إفراطهم فِي التَّعْظِيم حَتَّى كَاد يتاخم الشّرك فنهوا عَنهُ، وَإِلَى هَذَا وَقعت الْإِشَارَة فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " كَمَا يقوم الْأَعَاجِم ".
وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام:
" من سره أَن يتَمَثَّل " يُقَال: مثل بَين يَدَيْهِ مثولا إِذا انتصب قَائِما للْخدمَة، أما إِذا كَانَ تبشيشا لَهُ واهتزازا اليه وإكراما وتطبيبا لِقَلْبِهِ من غير أَن يتَمَثَّل بَين يَده فَلَا بَأْس فانه لَا يتاخم الشّرك.
وَقيل " يَا رَسُول الله الرجل منا يلقى أَخَاهُ أينحني لَهُ؟ قَالَ: لَا "