للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسَببه أَنه يشبه الرُّكُوع فِي الصَّلَاة فَكَانَ بِمَنْزِلَة سَجْدَة التَّحِيَّة.

قَالَ الله تَعَالَى:

{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا}

وَقَالَ تَعَالَى الله:

{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات}

إِلَى قَوْله تَعَالَى {كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلكُمْ} فَقَوله (تستأنسوا) أَي تستأذنوا أَقُول: إِنَّمَا شرع الاسْتِئْذَان لكراهية أَن يهجم الْإِنْسَان على عورات النَّاس وان ينظر مِنْهُم مَا يكْرهُونَ، وَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعض حَدِيثه: " إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان لاجل الْبَصَر " فَكَانَ من حَقه أَن يخْتَلف باخْتلَاف النَّاس.

فَمنهمْ الْأَجْنَبِيّ الَّذِي لَا مُخَالطَة بَينهم وَبَينه، وَمن حَقه أَلا يدْخل حَتَّى يُصَرح بالاستئذان وَيُصَرح لَهُ بالأذن، وَلذَلِك علم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلدة ابْن الحنبل رجلا من بني عَامر أَن يَقُول: " السَّلَام عَلَيْكُم أَأدْخل، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" الاسْتِئْذَان ثَلَاث فاذا اذن لَك وَإِلَّا فَارْجِع.

وَمِنْهُم نَاس أَحْرَار لَيْسُوا بالمحارم لَكِن بَينهم خلْطَة وصحبة فاستئذانهم دون اسْتِئْذَان الْأَوَّلين، وَلذَلِك قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن مَسْعُود: " إذنك على أَن ترفع الْحجاب وَأَن تستمع سوادى حَتَّى أَنهَاك "

وَمِنْهُم صبيان ومماليك لَا يجب السّتْر مِنْهُم فَلَا اسْتِئْذَان لَهُم إِلَّا فِي أَوْقَات جرت الْعَادة فِيهَا بِوَضْع الثِّيَاب، وَإِنَّمَا خص الله تَعَالَى هَذِه الْأَوْقَات الثَّلَاث لِأَنَّهَا وَقت ولوج الصّبيان والمماليك بِخِلَاف نصف اللَّيْل مثلا.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" رَسُول الرجل إِلَى الرجل إِذْنه " وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عرف بِدُخُولِهِ لما أرسل إِلَيْهِ.

وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أَتَى بَاب قوم لم يسْتَقْبل الْبَاب من تِلْقَاء وَجهه لَكِن من رُكْنه الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر، فَيَقُول: " السَّلَام عَلَيْكُم السَّلَام عليم " وَذَلِكَ لِأَن الدّور لم يكن عَلَيْهَا يَوْمئِذٍ ستور.

وَمِنْهَا آدَاب الْجُلُوس. وَالنَّوْم. وَالسّفر. وَنَحْوهَا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يُقيم الرجل الرجل من مَجْلِسه ثمَّ يجلس فِيهِ وَلَكِن يَقُول: تَفَسَّحُوا وتوسعوا "

<<  <  ج: ص:  >  >>