وَلَيْسَ النّذر من أصُول الْبر وَلَا الْإِيمَان، وَلَكِن إِذا أوجب الْإِنْسَان على نَفسه وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَجب أَلا يفرط فِي جنب الله وَفِيمَا ذكر عَلَيْهِ اسْم الله، وَلذَلِك قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا تنذروا فَإِن النّذر لَا يُغني من الْقدر شَيْئا وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل " يَعْنِي أَن الْإِنْسَان إِذا أحيط بِهِ رُبمَا يسهل عَلَيْهِ إِنْفَاق شَيْء فَإِذا أنقذه الله من تِلْكَ الْمهْلكَة كَانَ كَأَن لم يمسهُ ضرّ قطّ، فَلَا بُد من شَيْء يسْتَخْرج بِهِ مَا الْتَزمهُ على نَفسه مِمَّا يُؤَكد عزيمته وينوه نِيَّته.
وَالْحلف على أَرْبَعَة أضْرب: يَمِين منعقدة وَهِي الْيَمين على مُسْتَقْبل مُتَصَوّر عاقدا عَلَيْهِ قلبه، وفيهَا قَوْله تَعَالَى:
{وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} .
ولغو الْيمن قَول الرجل: لَا وَالله. وبلى وَالله من غير قصد، وَأَن يحلف على شَيْء يَظُنّهُ كَمَا حلف متبين بِخِلَافِهِ، وفيهَا قَوْله تَعَالَى.
{لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} .
وَالْيَمِين الْغمُوس وَهِي الَّتِي يحلفها كَاذِبًا عَاملا ليقتطع بهَا مَال امْرِئ مُسلم وَهِي من الْكَبَائِر.
وَالْيَمِين على مُسْتَحِيل عقلا كَصَوْم أمس، وَالْجمع بَين الضدين، أَو عَادَة كإحياء الْمَيِّت وقلب الْأَعْيَان.
وَاخْتلف فِي الضربين اللَّذين لَيْسَ فيهمَا نَص هَل فيهمَا كَفَّارَة؟ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ من كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليصمت " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من حلف بِغَيْر الله فقد أشرك ".
أَقُول: الْحلف باسم شَيْء لَا يتَحَقَّق حَتَّى يعْتَقد فِيهِ عَظمَة وَفِي اسْمه بركَة، والتفريط فِي جنبه وإهمال مَا ذكر اسْمه عَلَيْهِ إِثْمًا.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من حلف فَقَالَ فِي حلفه: بِاللات والعزى، فَلْيقل: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَمن قَالَ لصَاحبه: تعال أقامرك فليتصدق "
أَقُول: اللِّسَان ترجمان الْقلب ومقدمته وَلَا يتَحَقَّق تَهْذِيب الْقلب حَتَّى يُؤَاخذ بِحِفْظ اللِّسَان.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِذا حَلَفت على يَمِين فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا فَكفر عَن يَمِينك وأت الَّذِي هُوَ خير ".