وَكَانَ ميلهم للافتداء مُخَالفا لما أحبه من الله قطع دابر الشّرك فعوتبوا ثمَّ عفى عَنْهُم.
ثمَّ أهاج الله تَقْرِيبًا لاجلاء الْيَهُود فانه لم يكن يصفو دين الله بِالْمَدِينَةِ وهم مجاوروها فَكَانَ مِنْهُم نقض الْعَهْد فَأجلى بني النَّضِير. وَبني قينقاع، وَقتل كَعْب بن الاشرف، وَألقى الله فِي قُلُوبهم الرعب فَلم يعرجوا لمن وعدهم النَّصْر وشجع قُلُوبهم فأفاء الله أَمْوَالهم على نبيه وَكَانَ أول توسع عَلَيْهِم.
وَكَانَ أَبُو رَافع تَاجر الْحجاز يُؤْذِي الْمُسلمين فَبعث إِلَيْهِ عبد الله بن عتِيك فيسر الله لَهُ قَتله، فَلَمَّا خرج من بَيته انْكَسَرت سَاقه فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
" ابْسُطْ رجلك فمسحها فَكَأَنَّهَا لم يشتكها قطّ ".
وَلما اجْتمعت الْأَسْبَاب السماوية على هزيمَة الْمُسلمين يَوْم أحد ظَهرت رَحمَه الله ثمَّ من وُجُوه كَثِيرَة فَجعل الْوَاقِعَة استبصارا فِي دينهم وعبرة فَلم يَجْعَل سَببه إِلَّا مُخَالفَة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَمر من الْقيام على الشّعب، وَعلم الله نبيه بالانهزام إِجْمَالا فَأرَاهُ سَيْفا انْقَطع وبقرة ذبحت فَكَانَت الْهَزِيمَة وَشَهَادَة الصَّحَابَة، وَجعلهَا بِمَنْزِلَة نهر طالوت ميز الله بهَا المخلصين من غَيرهم لِئَلَّا يعْتَمد على أحد أَكثر مِمَّا يَنْبَغِي.