قَالَتا: الصَّابِئُ بَيْنَ الكَعْبَةِ وَأسْتَارِهَا، قَالَا: مَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتا: قَالَ لَنا كَلِمَةً تَملَأُ الفَمَ، قَالَ: وَجَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إِلَى الحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ هُوَ وَصَاحِبُهُ، قَالَ: وَطَافَ بِالبَيْتِ ثُمَّ صَلَّى صَلَاتَهُ، قَالَ: فَأتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ: فَكُنْتُ أوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلَامِ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله مِمَّنْ أنْتَ؟ قُلتُ: مِنْ غِفَارٍ، قَالَ: فَأهْوَى بِيَدِهِ نَحْوَ رَأسِهِ، قَالَ: قُلتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أنِّي انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ، قَالَ: فَقَذَعَنِي صَاحِبُهُ، وَكَانَ أعْلَمَ بِهِ مِنِّي، فَرَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ: مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا؟ قَالَ: قُلتُ: قَدْ كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ عَشْرٍ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قَالَ: قُلتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ غَيْرُ مَاءِ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّها مُبَارَكَةٌ، إِنَّها طَعَامُ طُعْمٍ» قَالَ: فَقَالَ صَاحِبُهُ: ائْذَنْ لِي فِي إِطْعَامِهِ، اللَّيْلَةَ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأبُو بَكْرٍ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُما، قَالَ: فَفَتَحَ أبُو بَكْرٍ بَابًا فَقَبَضَ إِليَّ مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ، قَالَ: فَذَلِكَ أوَّلُ طَعَامٍ أكَلتُهُ بِهَا.
قَالَ: فَلَبِثْتُ مَا لَبِثْتُ أوْ غَبَّرْتُ ثُمَّ لَقِيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ، وَلَا أحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ، فَهَل أنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ، لَعَلَّ الله أنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ، وَأنْ يَأجُرَكَ فِيهِمْ» قُلتُ: نَعَمْ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أتَيْتُ أُنَيْسًا فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلتُ: صَنَعْتُ أنِّي أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ أُنَيْسٌ: وَمَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ، إِنِّي قَدْ أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ: فَأتَيْتُ أُمَّنَا، فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَإِنِّي قَدْ أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute