والسير، والتواريخ تغني، عن إسنادها، فكيف وقد اتفق عليها صاحب الصحيح، ولم يحفظ، عن أحد قبله الطعن فيها ألبتة، وقوله: إسرائيل ضعيف، فالذي غره في ذلك تضعيف علي بن المديني له، ولكن أبى ذلك سائر أهل الحديث، واحتجوا به، ووثقوه وثبتوه. قال أحمد: ثقة وتعجب من حفظه، وقال أبو حاتم. وهو من أتقن أصحاب أبي إسحاق ولا سيما وقد روى هذا الحديث، عن أبي إسحاق، وكان يحفظ حديثه كما يحفظ السورة من القرآن. وروى له الجماعة كلهم محتجين به.
وأما قوله: إن هانئا وهبيرة مجهولان، فنعم مجهولان عنده، معروفان عند أهل السنن، وثقهما الحفاظ، فقال النسائي. هانئ بن هانئ ليس به بأس، وهبيرة روى له أهل السنن الأربعة، وقد وثق. وأما قوله: حديث ابن أبي ليلى، وأبو فروة الراوي عنه مسلم بن مسلم الجهني ليس بالمعروف، فالتعليلان باطلان، فإن عبد الرحمن بن أبي ليلى روى عن علي غير حديث، وعن عمر، ومعاذ -رضي الله عنهما-. والذي غر أبا محمد أن أبا داود قال: حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا سفيان، عن أبي فروة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى بهذا الخبر، وظن أبو محمد، أن عبد الرحمن لم يذكر عليا في الرواية، فرماه بالإرسال، وذلك من وهمه، فإن ابن أبي ليلى روى القصة، عن علي، فاختصرها أبوداود، وذكر مكان الاحتجاج، وأحال على العلم المشهور برواية عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي، وهذه القصة قد رواها علي، وسمعها منه أصحابه: هانئ بن هانئ، وهبيرة بن يريم، وعجير بن عبد يزيد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكر أبوداود حديث الثلاثة الأولين لسياقهم لها بتمامها، وأشار إلى حديث ابن أبي ليلى، لأنه لم يتمه، وذكر السند منه إليه،