بحيضة. وهنا ليس اختيار العتيقة نفسها طلاقا، فكان القياس أن تعتد بحيضة، لكن الحديث الذي أخرجه ابن ماجه على شرط الشيخين، بل هو في أعلى درجات الصحة. وقد أخرج أبو يعلى والبيهقي من طريق أبي معشر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل عدة بريرة عدة المطلقة. وهو شاهد قوي؛ لأن أبا معشر وإن كان فيه ضعف لكن يصلح في المتابعات. وأخرج ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة، عن عثمان وابن عمر وزيد بن ثابت وآخرين: أن الأمة أذا أعتقت تحت العبد فطلاقها طلاق عبد، وعدتها عدة حرة. وقد قدمت في العتق أن العلماء صنفوا في قصة بريرة تصانيف، وأن بعضهم أوصلها إلى أبع مئة فائدة، ولا يخالف ذلك قول عائشة: ثلاث سنين، لأن مراد عائشة ما وقع من الأحكام فيها مقصودا خاصة، لكن لما كان كل حكم منها يشتمل على تقعيد قاعدة يستنبط العالم الفطن منها فوائد جمة وقع التكثر من هذه الحيثية، وانضم إلى ذلك ما وقع في سياق القصة غير مقصود، فإن في ذلك أيضا فوائد تؤخذ بطريق التنصيص أو الاستنباط، أو اقتصر على الثلاث أو الأربع لكونها أظهر ما فيها وما عداها إنما يؤخذ بطريق الاستنباط، أو لأنها أهم والحاجة إليها أمس. اهـ.
وقال أيضا في فتح الباري ٩/ ٤١٦: والاقتصار على بعضه بحسب الحاجة، فإن الواقعة واحدة، وقد رويت بألفاظ مختلفة، وزاد بعض الرواة ما لم يذكر الآخر، ولم يقدح ذلك في صحته عند أحد من العلماء، وفيه أن العدة بالنساء لما تقدم من حديث ابن عباس أنها أمرت أن تعتد عدة الحرة، ولو كان بالرجال لأمرت أن تعتد بعدة الإماء، وفيه أن عدة الأمة إذا عتقت تحت عبد فاختارت