- سنعطيك واحدة في الصباح، أو قل اثنتين. وثالثة في الظهر ورابعة في العصر. أرأيت أني لم أبخل عليك؟ أما ما زاد عن ذلك فليس اليه سبيل!.
ثم تلا ذلك الايحاء بالواحدة لا تزيد لمن خاف الظلم عند التعدد، وليس عن الظلم عند تعدد محيص.
أما في غير تلك البيئة وشبيهاتها من بيئات البشر كافة الذين تتوجه اليهم الدعوة، فالمسألة أوضح، ولن تضيرهم رخصة التعدد وهم على التوحد أو أقرب اليه طبعاً ونشأة، ولهذا قيل {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} ففي ميدان الفضل والتعفف سعة، وبه يتفاضل الناس بعضهم فوق بعض درجات.
ولا يتم النظر في موضوع الزواج، ما تعدد منه وما توحد، من غير النظر في كيفية الزواج، أو نوع الصلة الزوجية.
إنها ليست مسافدة حيوانية بين ذكر وأنثى. على إطلاق بواعث الرغبة والاشتهاء الغريزي بين جنسي النوع البشري. بل لغير هذا قامت كوابح الآداب وضوابط الشرائع والعقائد.
كلا!
{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
هكذا جاء في سورة الروم. واني لأرى في قوله {من أنفسكم} لمسة تمس شغاف القلب، وقد ذكر بما في الزواج من قربى تجعل الزوجة قطعة من النفس ثم أردف ذلك بالسكن. وما أقرب السكن من سكينة النفس في هذا الباب لا مساكنة الأجساد، بدليل ما أردف بذلك من المودة والرحمة.
مشاطرة نفس، وسكنها وسكينتها، ومودة ورحمة، ما من شيء في هذه كلها من خصائص المتعة الشهوية والرغبة الجنسية البحت. فإن الشهوة تأخذ، وتنال، وهي معتصمة بأنانيتها وانعزالها عن الطرف الآخر، ولا تزيد بعد مأربها الا شعوراً بالعزلة والوحدة الموحشة. وشتان هذا والمشاطرة، وسكن النفس، والمودة والرحمة.
كل أولئك من صفات الحنان: الحنان الذي يرحم ويؤثر، ومن صفات المحبة التي تعطى قبل أن تأخذ، وتنيل قبل أن تنال، وتقيم مطمئنة لتزداد