بالمساكنة غنى وأمناً وأنساً .. وتلك عليا مناعم المعاشرة والانسانية، بما فيها من غلبة الروح على نزوات الأجساد ودفعات الرغبة العمياء ..
الزواج مطلب نفسي وروحي عند الانسان، وليس مطلباً شهويا جسديا وإن كان له أساس جسدي. فما كان أحرى الناس لو أن مطلب الجسد رائدهم ومبتغاهم ألا يعرفوا حدود الزواج وقيوده، التي تفرض الالتزامات على كل حال، ثقلت تلك الالتزامات أو خفت، وتربط بين الزوج وزوجه برباط هو قيد على كل حال، وفي خارج الزواج لا قيد لمن كل همه متاع البدن وقضاء اللبانات الشهوية.
ورب قائل: أما والزواج مطلب نفسي وروحي عند الانسان وليس مطلباً شهوياً جسدياً وإن كان له أساس جسدي .. ففيم التعدد إذن، وإن كان رخصة يهتبلها من شاء ويتنكبها متعففاً من شاء؟ .. أما كان التوحد هو سبيل ذلك السكن النفسي بمعنى الكلمة؟
والجواب ان هذا صحيح من حيث المبدأ ولا مراء .. ولكن المبادئ قلما تعيش في دنيا البشر فتتيسر في أمور هي أمس ما تكون بالحياة اليومية والحقائق المادية.
وأزيد الأمر وضوحاً:
أين هي الزوجة المثلى التي تملأ جوانب الرجل النفسية وتسكن اليها نفسه سكناً كاملاً حتى لا يفتقد في كنفها لونا من السكينة والطمأنينة كان يرجوه أو يشتاق اليه؟
قليل. أقل من القليل.
وسل سليمان الحكيم، الذي عرف ألوف النساء من جميع الأصناف والألوان، وقد اجتمع في خطابه من التجارب الزوجية، والنسوية ما لم يجتمع لانسان، يقول لك:
"الزوجة الفضلى أثمن من اللؤلؤ النفيس .. من ذا يجدها؟! ".
حتى أنت يا سليمان؟! فماذا يقول اذن سواك من عباد الله الذين لم يؤتوا الملك العضوض والجاه العريض؟
إن من وجد هذه اللؤلؤة بين النساء لن تهفو نفسه الى سواها، بل يتعلق بها تعلق الطفل بصدر أمه لا يرضى به بديلاً ولا يروم عنه حولا ...