بعض الغلمان من المجوس؛ فيقسم عليه بآلهته وكهنة النار وبكل ما يقدس من كواكب وبما يتلو من كتب زرادشت، وفي رواية حمزة الأصفهاني لديوانه كثير من ذلك مثل قوله:
حماني وَصْلَ أبناء القسوسِ ... نجيبُ الفُرْس بهروز المجوسي
من المتزمزمين لدى التغذّي ... يعذِّب مهجتي بين النفوس
فقلت ونحن في وَجَلٍ شديد ... رضينا من وصالك بالخسيس
بإسْفِهْر وناهيد وتير ... وحَقِّ الماهِ والمهر الرئيس
وحرمة بَرْسمِ التقديس مما ... يُزَمْزِمُه هرابذ أسطنوسِ
بما تتلون في البِستاق رمزًا ... كتاب زرذُّشٍ داعي المجوس
لما كلَّمتني ورددت نفسي ... فإني من جفائك في رَسِيس
والمتزمزمون: أصحاب الزمزمة، وهي الأدعية التي يتلوها المجوس على الطعام والشراب، وإسفهر: الفلك بالفارسية، وناهيد: الزهرة، وتير: عطارد، وماه: القمر، والمهر: الشمس، وبرسم: أعواد يتلون عليه سوارًا من كتبهم ويقدسونها، والهرابذ: كهنتهم، وأسطنوس: معبد نار من معابدهم. والبستاق هو كتاب زرذش أو زرادشت معرب عن اسمه الفارسي أفستا. ومن ذلك قوله:
يا غاسل الطَّرْجهارِ ... للخندريس العُقارِ
يا نرجسي وبَهارى ... بدِه مَرَايَكْ بارى
والطرجهار: قدح شراب، ومعنى الشطر الأخير: أعطني مرة واحدة.
ومما لا شك فيه أن الفارسية كانت منتشرة في أحاديث اللغة اليومية، وكان بين العرب كثيرون يتقنونها مثل العَتَّابي التغلبي، وكان منهم من يدخل بعض ألفاظها في شعره على جهة التظرف، يقول الجاحظ: "وقد يتملحّ الأعرابي بأن يدخل في شعره شيئًا من كلام الفارسية كقول العُمَّاني للرشيد في قصيدته التي مدحه فيها: